ان مدينة ندرومة استطاعت أن تحافظ على طرازها
المعماري الاسلامي بالنسبة للأحياء السكانية القديمة و أسلوب البناء للكثير
من المنازل الفردية الحديثة و تقدم للباحثين مثالا واضحا للمدينة
الاسلامية النموذجية حيث نجد الجامع الكبير بمئذنته الشامخة يتوسط الأحياء
القديمة و بجواره الساحة العمومية الرئيسية”التربيعة” أين يلتقي بها
المصلون و المواطنون على حسائر المقاهي أو حول الطاولات تحت ظل الأشجار
أيام الجمعة و في أيام الأعياد و المناسبات الدينية و كذلك في أوقات المساء
و العطل و نجد قرب المسجد الكبير الحمام البالي أو القديم بنفس الساحة
التي تنطلق منها الأزقة و الشوارع الضيقة المؤدية الى مختلف الأحياء
الشعبية المحيطة بها و الى الأسواق و المحلات التجارية المنتشرة بها هذا و
قد شيد المسجد الكبير لمدينة ندرومة سنة 1081-م من طرف يوسف بن تاشفين في
عهد المرابطين و يعد من أقدم مساجد الجزائر الى جانب مسجد تلمسان في
عام1082 م- و المسجد الكبير لمدينة الجزائر العاصمة ستة1096م و أما مئذنة
الجامع الكبير لمدينة ندرومة فقد تم بناؤها في عهد الموحدين سنة1348م هناك
أيضا العديد من من المساجد القديمة التي بنيت في نفس الفترة.. مثل مسجد
القدارين بحي بني زيد و الذي تم تشييده أثناء الدولة الموحدية و مقام سيدي
بو علي و مسجد سيدي منديل و مسجد سيدي سياج الأندلسي و مسجد سيدي سعيداني
بحي بني عفان و مقام سيدي البجاوي و هذا بالاضافة الى قصر السلطان الموحدي و
يذكرنا تاريخ ندرومة المجيد على وجه الخصوص بقائد الدولة الموحدية عبد
المومن بن علي الكومي الذي انطلق من هذه المدينة العريقة بفكر اصلاحي متجدد
لمقاومة الفساد و الظلم في مجتمعات منطقة المغرب العربي و هذا بعد لقائه و
تاثره بالعالم و الفقيه الكبير المهدي بن تومرت الذي بدا الدعوة الاصلاحية
ناصحا الناس الى التوحيد الخالص فاطلق على أنصاره اسم “الموحدون” و قامت
الدولة الموحدية بقيادة عبد المومن بن علي و رفع شعار “الأمر بالمعروف و
النهي عن المنكر”فقضى على دولة المرابطين و دخل مدينة مراكش عام 1147م ثم
طرد الصقيليين من سواحل المغرب العربي و أنهى حكم بني زيري و بني حماد و
استعاد مدينة اشبيليا و بسط سلطته على الأندلس حكم عبد المومن بن علي مدة
34 سنة و عرف عصره حركة اصلاحية اجتماعية و أخلاقية هامة و وحد المغرب
العربي تحت الدولة الموحدية من تونس الى الأندلس و جنوب فرنسا و على ذكر
الشخصيات التاريخية البارزة لا بد من الاشارة الى قٌائد آخر نشأ و ترعرع
بمنطقة غير بعيدة عن ندرومة قرب وادي تافنة الا و هو القائد البحري الكبير
طارق بن زياد الذي فتح الأندلس سنة 711م و صاحب المقولة الشهيرة.. “أيها
الناس.. أين المفر؟ البحر من ورائكم و العدو أمامكم.. و ليس لكم و الله الا
الصدق و الصبر..” و من الشخصيات المعاصرة العديدة التي خرجت من رحم مدينة
ندرومة نذكر على الخصوص الدكتور الياس آدم الزرهوني-52سنة-المدير الحالي
لمعهد الصحة القومي للولايات المتحدة الأمريكية و الموجود بولاية مريلاند و
هذا العالم الكبير الذي ولد بندرومة و درس بالجزائر قبل أن يهاجر الى
أمريكا يعد حاليا من أبرز الكفاءات العلمية في ميدان تخصصاته و هو يرأس
مؤسسة ميزانيتها27مليار دولار و هي تفوق مرتين ميزانية الدولة الجزائرية في
كل المجالات هناك كفاءات و شخصيات أخرى كثيرة نبعت من مدينة ندرومة في
ميادين الفن و الثقافة و المعرفة و الطب و الهندسة و التربية و التعليم و
السياسة و الشعر و الموسيقى و الحرف و الصناعات المختلفة و من جهة أخرى فان
ندرومة و المناطق المجاورة لها عرفت خلال الثورة التحريرية نضالات و تضحيات كبيرة نذكر على وجه الخصوص معركة “فلاوسن” الشهيرة
الخميس، 30 يناير 2014
الفنان الشيخ السي إدريس رحال الندرومي ( 1890- 1955 )

1- حياته و أعماله :
سي دريس رحال من مواليد 31 جويلية 1890 بمدينة ندرومة ( ولاية تلمسان)
أبوه الحاج محمـد رحال ازداد سنة 1870 بندرومة و توفي يوم 30 سبتمبر 1958
بمدينة فاس المغربية ، ابن الحاج حمزة رحال أغا ندرومة و قائدها معين من
طرف الأمير عبد القادر توفي سنة 1882 كان كذلك لفترة وجيــزة عادل بمحكمة
ندرومة .
ام السي دريس فاطمة طالب مزدادة سنة 1870 بتلمسان و توفيت بمدينة
ندرومة نهاية شهــر أكتوبر 1952 انها ابنة سي يحيا طالب أي ابنة عم طالب
شعيب قاضي تلمسان ، و سي عبد السلام من المحامين المعروفين بتلمسان دائما
، تزوج سي دريس رحال من فطيمة براهمي مزدادة سنة 1902 بندرومة توفيت يوم 3
أوت 1942 م و لهذا تزوج للمرة الثانية من زوليخة غنيم ( زوجته الثانية)،
أنجبت له بنات و أولادا توفي رحمه الله يوم الأربعاء 28 ديسمبر 1955
بمستشفى مدينة عين تموشنت و دفن بمقبــرة ندرومة يوم الجمعة 30 ديسمبر
1955 .
2- دراسته و مستواه العلمي :
تابع سي دريس تعليمه الابتدائي بندرومة ، بحيث اكتسب تعليـما مزدوجا (
معرب و مفرنس) تحصـــل اثر ذلك على إجازة أولى تتمثل في شهادة التعليم
الأولى الابتدائي ، بالتوازي تابع دروس الجامع أي الكتاب المتمثلة في حفظ
القران الكريم و دراسة أصــول الفقه الإسلامي، و هذا على يد الفقيه الحاج
المكي غرناطي رحمه الله بحيث حفظ القران الكريم أي الستـــون حزبا و عمره
لا يتجاوز 12 سنة ، مما زاد من قوة ذاكرته و خفتها و تطورها .
و بعد نجاحه في مسابقة الانتقاء و الاستفادة من منحه الدراسة العليا
، واصل دراسته الثانوية بمدينـــة تلمسان ، زيادة على ذلك وحبا منه في
العلم و المعرفة و التزود بمختلف المعارف تعمق في التعليم العربي و
التعاليم الدينية الإسلامية ( أصول الفقه و التفسير القرآني )بحيث حفظ
الشيخ الطنطاوي و الشيخ عـبد الحميد بن باديس تفاسيرهما للقران الكريم ،
كما كان محبا للمطالعة فاشترك في المجلة الشهريـة الإسلام و التي كانت
تصدر بمصر تحتوي في كل عدد على تفسير لآيات قرآنية و شرح للأحاديث نبوية و
أحـاديث فقهية و دينية ، كما اشترك و لمدة طويلة في اغلب مجلات جمعية
العلماء المسلمين الجزائريين كالشهـاب و البصائر .
فهذا التكوين المعرفي المعمق جعله منذ ريعان شبابه يبتعد عن البدع و
الخرافات و الانحرافات على أساس ديني بحت ، طبــق ذلك على شخصه ، أي حياته
الخاصة ، و العادية بحث ازدواجية معارفه الفرنسيـــة و العربية سمحت له أن
ينفع بها أهله أبنــاءه و أصدقاءه و ذلك بتقديم لهم دروسا بالمجان بمنزله
باستعمال السبورة و الطبشور ...اخ.
3- النشاط الفني و المهني لي سيد دريس رحال :
سي دريس رحال كان في بداية حياته المهنية موظفا بالمغرب ، لكن مشكل
الغربة و البعد عن الأهـــل و الوطن و تصـــرفات مسؤوليه الممارس من طرفه
زاد من سرعة رجوعه الى ارض الوطن و لكي يتحقق ذلك الح على اهله ارساله
برقية بمعلومة فيها ان زوجته في حالة صحية خطيرة تتطلب منه الحضور
المستعجل و هذا طبعا غير صحيح لكن يعتبر سببا مقنعا يسمح له بالتهـرب من
الاعتراضات و الموانع التي لا تسمح له بتحقيق رغبته هذه و هذا طبعا ما لم
يستطع تحمله فبعد عودته للجزائر و بالضبـط الى مدينة ندرومة بين اهله و
افراد عائلته فتح مباشرة متجرا لبيع مختلف الاقمشة .
و لع سيد ريس بالموسيقى الاندلسية و هو صغير في السن ، بحيث اصبحت
بالنسبة له هواية حقيقية محبوبة عنده تعلمـها على يد شيوخ سقوه بمدينة
ندرومة ، كان يعزف على كل الالات الموسيقية التقليدية لاسيما الوترية منها
مثل الة العود ، الكويتـرة ، الرباب و الكامنجة ( الالتو) .... بحث كان
يفضل المندولين على الخصوص لا سيما عند عزفه لمقطوعات موسيقيــة لوحده اما
الكامنجة الالتو فكان يفضلها اثناء قيادته للجوق الموسيقي .
فمعارفه القرانية و اللغوية حولته الى شخصية كثيرة الالحاح اما في
كتابته او قرائته للقصائد و الاشعار الاندلسية لا سيما اثنـــاء النطقب
الحروف المتمثلة في المد و الجر ....الخ اي(Longue voyelle et breve)
و معارفه الفرنسية مكنته من الصولفاج و أعطته كل الإمكانيات الخاصة
بالتفتح الفكري فسمحت له بتلقيـن و تعليم شباب ندرومة المتفق منه اصول
الموسيقى الاندلسية و من بينهم معلمون فرنسيون و ذلك بنــوادي ندرومة
التقليدية المعروفة مقره مصرية الوجود اغلبها بحي التربيعة كما كانت لي
سيد ريس موهبة جلابــة للمحبين ، اي كان يستطيع الاقناع و الطريقة ، اتن
يحبب هذه الموسيقى التقليدية لكا من ارادها من شبــاب و احباء ، بحيث
تتلمذ على يده عدة موسيقين و مطربين و شيوخ عرفتهم مدينة ندرومة اغلبهم
توفــي من بينهم الشيخ طكوك احمد الشارف و طكوك لخضر و المرحوم
خياط........محمد الشيخ الديندان ، ســي علي غماري ميلود و غماري احمد (
المعروف باحمد حسونة ) وا لشيخ غفور الموفق عم الحاج محمد غفــــور
،زرهوني الاخضر و غرناطي سي عبد الله فتوحي ولد الحاج المكي، و الشيخ رحال
سي محمد ولد سي العربي ، و الشيخ الطالب الميلود البجايي، بناي الشاوش و
خياط عبد السلام و اخيرا الحاج محمد الغفور .
نجح سي د ريس في جلب اهتمام عدد كبير من المحبين للموسيقى دون ان
ننسى المدرسين الفرنسيين بندرومة من بينهم مدير مدرسة السيد كوردال و
السيد فارن معلم بندرومة و اللذان تم تعيينهما فيما بعد بمدينة تلمسان.
بقيا على اتصال مع السي دريس الى ان نجح بين سنتتي 1950 و 1952 في اعداد و
توزيـــع verne موسيقي توشية بالسولفاج ارسلها للسي دريس، هذا الاخير الذي
اراد ان يتاكد من سلامة هذه التوشـية من الاخطاء اثناء عزفها بمساعدة
البعض من افراد أهله من بينهم أخيه سي بومدين رحال استاذ مادة الرياضيات
بسيدي بلعباس آنذاك ( توفي في شهر اكتوبر 1955) ابنه مراد معلم ثم مدير ثم
مفتش التعليم الابتدائي توفـي سنة 1990 درس السولفاج بمدرسة ابتدائية
بندرومة عبد الطيف رحال أستاذ مادة الرياضيات بمدينة مغنيـة و الذي أصبح
فيما بعد وزيرا للتعليم العالي ثم وزيرا للداخلية في الحكومة الجزائرية و
حاليا مستشـــار لدى رئاسة الجمهورية .
حافظ بكل اعتناء خاص العديد من كتاباته الشعرية و كناشاته من القصائد
اشعار ، صور و نقود قديمة ....الخ. وافته المنية يوم 28 ديسمبر 1955 و
مدينة ندرومة و ضواحيها تتألم من وقائع 01 اكتوبر 1955 االخاصة بحرب
التحرير الوطني المتبوعة بالزج في السجون للأهالي من طرف عساكر الفرنسيين
و الشرطة الفرنسية ،مما زاد من تخوف سكان المنطقة و كانت سببا رئيسيا في
ضياع العديد من الوثائق و كتب المكتبات العائليــة و كناشات فناني و شيوخ
مدينة ندرومة على الخصوص .
بتلمسان كان له من الأهل و الأصدقاء مما جعل له رابطة و صداقة لا
سيما مع شيخ الحاج العربي بن صاري رحمه الله ، و الذي كانت تربطه علاقة
قرابة و من أصدقائه بتلمسان أيضا الشيخ عمر بخشي و الشيخ يحـيا دالي
المعروف بلزهر و الحاج عبد الكريم دالي المختص في علم الموسيقى و الشيخ
عبورة الكهربائي المهنـة و الولوع بالموسيقى الأندلسية .
سي دريس كان يكره التعالي و التصرفات الطبق العليا ، مما سمح لنفسه
قبول اقتراح الشيخ العربي بن صاري الملح المتمثل في التسجيل الأول تم بثه
يوم السبت 11 نوفمبر 1944 بالمباشر لمدة 55 دقيقة من محطة تلمسان لإذاعة
البريد و المواصلات PTT بشارع أليونس (ALLIANCE) بمنزل السي يحيا كاتب
مترجم بدائرة تلمسان صاحب مبادرة أول مهرجان مصغر للموسيقى الأندلسية .
أما بث التسجيل الثاني من طرف اذاعة الجزائر نهاية شهر نوفمبر 1948
الجمعة نظن ان هذه التسجيلات قد تكون ضمن أرشيف المؤسسة الوطنية للإذاعة و
التلفزيون(R.T.A) بالعاصمة.
حسب شهادة الكثير من شيوخ المنطقة كان سي دريس رحال كلما سمحت له
الظروف و لعدة مرات كان يقود مع الحاج العربي بن صاري جوق الموسيقى
الاندلسية ، اما بمدينة تلمسان او مدينة ندرومة مثال:
المهرجان المصغر بتلمسان سنة 1947 أثناء عطلة (PENTECOTE) بثانوية مليحة حميـدو حالــــيا (EX : E.P.S DE TLEMCEN)
كان نشاط سي دريس الفني و الموسيقي متواصلا حتى بمسكنه ، بحيث كان
يملك مختلف الالات الموسيقية الوترية كالكامنجة (الالتر) الرباب ،
المندولين و القببري و البعض من الان الميــزان و الاقاع كالدربوكــة و
الطار ...
كما كان بحوزته مكتبة قيمة مختلف الأشعار و القصائد و النوبات في
كتابين الجزء الأول و الجزء الثاني ، كان الأول خاصا بالشعر المنظوم و
الثاني يحتوي على قصائد و الشعر من النوع ( الحوزي العروبـــي و الملحون)
لشعراء من مدينة ندرومة كالشيخ الزياني ، قدور بن عاشور، سيدس محمد
الرمعون ، و من تلمسان كمحمد بن مسايب بومدين بن سهلا ، مصطفى بن ديمراد
.....و من جهات اخرى من الوطن مثل سيدي لخضر بن اخلوف ، سيدي المنداسي و
عبد العزيز المغراوي من المغرب .
فمفكر متفتح كان سيد ريس رحال رحمه الله متمسكا بالتقاليد بلدته و
أجداده العفيفة فعلى سبيل المثال لباسه كان 100 بالمائة تقليديا ندر ومي
محض فدائما المقفولة ، القاط ، الجلابة العريضة ،بحيث كان يفصلها على
النوعية المغربية الضيقة و كذلك الكلح و البلغة و الصباط عربي و السروال
العربي .
إن شخصيته القوية لم تتركه يتقبل و لو لمرة واحدة اهانة و ظلم
المستعمر مما كان يجعله يتعرض لضغوطات إدارة المستعمر الفرنسي ..... كما
كان شديد الارتباط بالغة العربية و النهج الإسلامي الخالي من الخرافـــات
و الانحرافات المختلفة .
مات و قد حقق أمنيته المتمثلة في حضـــوره و مشاهدتـــه و وقائع اندلاع حرب التحرير الوطنيـــة (1 نوفمبر 1954) .
بندرومة مازلنا نسمع و نستعمل المثل الشعبي المستوحى من الدروس التي
لقنها السيد ريس رحال لتلاميــذه و أصدقائه و أبنائه و التي كانت اغلبها
يتمثل في القـــوام و الانضـــباط و حسن الخلــق، ألا و هو (احكام سي
دريس) رحمه الله و اسكنه فسيح جنانه.
سي دريس رحال من مواليد 31 جويلية 1890 بمدينة ندرومة ( ولاية تلمسان)
أبوه الحاج محمـد رحال ازداد سنة 1870 بندرومة و توفي يوم 30 سبتمبر 1958
بمدينة فاس المغربية ، ابن الحاج حمزة رحال أغا ندرومة و قائدها معين من
طرف الأمير عبد القادر توفي سنة 1882 كان كذلك لفترة وجيــزة عادل بمحكمة
ندرومة .
ام السي دريس فاطمة طالب مزدادة سنة 1870 بتلمسان و توفيت بمدينة
ندرومة نهاية شهــر أكتوبر 1952 انها ابنة سي يحيا طالب أي ابنة عم طالب
شعيب قاضي تلمسان ، و سي عبد السلام من المحامين المعروفين بتلمسان دائما
، تزوج سي دريس رحال من فطيمة براهمي مزدادة سنة 1902 بندرومة توفيت يوم 3
أوت 1942 م و لهذا تزوج للمرة الثانية من زوليخة غنيم ( زوجته الثانية)،
أنجبت له بنات و أولادا توفي رحمه الله يوم الأربعاء 28 ديسمبر 1955
بمستشفى مدينة عين تموشنت و دفن بمقبــرة ندرومة يوم الجمعة 30 ديسمبر
1955 .
2- دراسته و مستواه العلمي :
تابع سي دريس تعليمه الابتدائي بندرومة ، بحيث اكتسب تعليـما مزدوجا (
معرب و مفرنس) تحصـــل اثر ذلك على إجازة أولى تتمثل في شهادة التعليم
الأولى الابتدائي ، بالتوازي تابع دروس الجامع أي الكتاب المتمثلة في حفظ
القران الكريم و دراسة أصــول الفقه الإسلامي، و هذا على يد الفقيه الحاج
المكي غرناطي رحمه الله بحيث حفظ القران الكريم أي الستـــون حزبا و عمره
لا يتجاوز 12 سنة ، مما زاد من قوة ذاكرته و خفتها و تطورها .
و بعد نجاحه في مسابقة الانتقاء و الاستفادة من منحه الدراسة العليا
، واصل دراسته الثانوية بمدينـــة تلمسان ، زيادة على ذلك وحبا منه في
العلم و المعرفة و التزود بمختلف المعارف تعمق في التعليم العربي و
التعاليم الدينية الإسلامية ( أصول الفقه و التفسير القرآني )بحيث حفظ
الشيخ الطنطاوي و الشيخ عـبد الحميد بن باديس تفاسيرهما للقران الكريم ،
كما كان محبا للمطالعة فاشترك في المجلة الشهريـة الإسلام و التي كانت
تصدر بمصر تحتوي في كل عدد على تفسير لآيات قرآنية و شرح للأحاديث نبوية و
أحـاديث فقهية و دينية ، كما اشترك و لمدة طويلة في اغلب مجلات جمعية
العلماء المسلمين الجزائريين كالشهـاب و البصائر .
فهذا التكوين المعرفي المعمق جعله منذ ريعان شبابه يبتعد عن البدع و
الخرافات و الانحرافات على أساس ديني بحت ، طبــق ذلك على شخصه ، أي حياته
الخاصة ، و العادية بحث ازدواجية معارفه الفرنسيـــة و العربية سمحت له أن
ينفع بها أهله أبنــاءه و أصدقاءه و ذلك بتقديم لهم دروسا بالمجان بمنزله
باستعمال السبورة و الطبشور ...اخ.
3- النشاط الفني و المهني لي سيد دريس رحال :
سي دريس رحال كان في بداية حياته المهنية موظفا بالمغرب ، لكن مشكل
الغربة و البعد عن الأهـــل و الوطن و تصـــرفات مسؤوليه الممارس من طرفه
زاد من سرعة رجوعه الى ارض الوطن و لكي يتحقق ذلك الح على اهله ارساله
برقية بمعلومة فيها ان زوجته في حالة صحية خطيرة تتطلب منه الحضور
المستعجل و هذا طبعا غير صحيح لكن يعتبر سببا مقنعا يسمح له بالتهـرب من
الاعتراضات و الموانع التي لا تسمح له بتحقيق رغبته هذه و هذا طبعا ما لم
يستطع تحمله فبعد عودته للجزائر و بالضبـط الى مدينة ندرومة بين اهله و
افراد عائلته فتح مباشرة متجرا لبيع مختلف الاقمشة .
و لع سيد ريس بالموسيقى الاندلسية و هو صغير في السن ، بحيث اصبحت
بالنسبة له هواية حقيقية محبوبة عنده تعلمـها على يد شيوخ سقوه بمدينة
ندرومة ، كان يعزف على كل الالات الموسيقية التقليدية لاسيما الوترية منها
مثل الة العود ، الكويتـرة ، الرباب و الكامنجة ( الالتو) .... بحث كان
يفضل المندولين على الخصوص لا سيما عند عزفه لمقطوعات موسيقيــة لوحده اما
الكامنجة الالتو فكان يفضلها اثناء قيادته للجوق الموسيقي .
فمعارفه القرانية و اللغوية حولته الى شخصية كثيرة الالحاح اما في
كتابته او قرائته للقصائد و الاشعار الاندلسية لا سيما اثنـــاء النطقب
الحروف المتمثلة في المد و الجر ....الخ اي(Longue voyelle et breve)
و معارفه الفرنسية مكنته من الصولفاج و أعطته كل الإمكانيات الخاصة
بالتفتح الفكري فسمحت له بتلقيـن و تعليم شباب ندرومة المتفق منه اصول
الموسيقى الاندلسية و من بينهم معلمون فرنسيون و ذلك بنــوادي ندرومة
التقليدية المعروفة مقره مصرية الوجود اغلبها بحي التربيعة كما كانت لي
سيد ريس موهبة جلابــة للمحبين ، اي كان يستطيع الاقناع و الطريقة ، اتن
يحبب هذه الموسيقى التقليدية لكا من ارادها من شبــاب و احباء ، بحيث
تتلمذ على يده عدة موسيقين و مطربين و شيوخ عرفتهم مدينة ندرومة اغلبهم
توفــي من بينهم الشيخ طكوك احمد الشارف و طكوك لخضر و المرحوم
خياط........محمد الشيخ الديندان ، ســي علي غماري ميلود و غماري احمد (
المعروف باحمد حسونة ) وا لشيخ غفور الموفق عم الحاج محمد غفــــور
،زرهوني الاخضر و غرناطي سي عبد الله فتوحي ولد الحاج المكي، و الشيخ رحال
سي محمد ولد سي العربي ، و الشيخ الطالب الميلود البجايي، بناي الشاوش و
خياط عبد السلام و اخيرا الحاج محمد الغفور .
نجح سي د ريس في جلب اهتمام عدد كبير من المحبين للموسيقى دون ان
ننسى المدرسين الفرنسيين بندرومة من بينهم مدير مدرسة السيد كوردال و
السيد فارن معلم بندرومة و اللذان تم تعيينهما فيما بعد بمدينة تلمسان.
بقيا على اتصال مع السي دريس الى ان نجح بين سنتتي 1950 و 1952 في اعداد و
توزيـــع verne موسيقي توشية بالسولفاج ارسلها للسي دريس، هذا الاخير الذي
اراد ان يتاكد من سلامة هذه التوشـية من الاخطاء اثناء عزفها بمساعدة
البعض من افراد أهله من بينهم أخيه سي بومدين رحال استاذ مادة الرياضيات
بسيدي بلعباس آنذاك ( توفي في شهر اكتوبر 1955) ابنه مراد معلم ثم مدير ثم
مفتش التعليم الابتدائي توفـي سنة 1990 درس السولفاج بمدرسة ابتدائية
بندرومة عبد الطيف رحال أستاذ مادة الرياضيات بمدينة مغنيـة و الذي أصبح
فيما بعد وزيرا للتعليم العالي ثم وزيرا للداخلية في الحكومة الجزائرية و
حاليا مستشـــار لدى رئاسة الجمهورية .
حافظ بكل اعتناء خاص العديد من كتاباته الشعرية و كناشاته من القصائد
اشعار ، صور و نقود قديمة ....الخ. وافته المنية يوم 28 ديسمبر 1955 و
مدينة ندرومة و ضواحيها تتألم من وقائع 01 اكتوبر 1955 االخاصة بحرب
التحرير الوطني المتبوعة بالزج في السجون للأهالي من طرف عساكر الفرنسيين
و الشرطة الفرنسية ،مما زاد من تخوف سكان المنطقة و كانت سببا رئيسيا في
ضياع العديد من الوثائق و كتب المكتبات العائليــة و كناشات فناني و شيوخ
مدينة ندرومة على الخصوص .
بتلمسان كان له من الأهل و الأصدقاء مما جعل له رابطة و صداقة لا
سيما مع شيخ الحاج العربي بن صاري رحمه الله ، و الذي كانت تربطه علاقة
قرابة و من أصدقائه بتلمسان أيضا الشيخ عمر بخشي و الشيخ يحـيا دالي
المعروف بلزهر و الحاج عبد الكريم دالي المختص في علم الموسيقى و الشيخ
عبورة الكهربائي المهنـة و الولوع بالموسيقى الأندلسية .
سي دريس كان يكره التعالي و التصرفات الطبق العليا ، مما سمح لنفسه
قبول اقتراح الشيخ العربي بن صاري الملح المتمثل في التسجيل الأول تم بثه
يوم السبت 11 نوفمبر 1944 بالمباشر لمدة 55 دقيقة من محطة تلمسان لإذاعة
البريد و المواصلات PTT بشارع أليونس (ALLIANCE) بمنزل السي يحيا كاتب
مترجم بدائرة تلمسان صاحب مبادرة أول مهرجان مصغر للموسيقى الأندلسية .
أما بث التسجيل الثاني من طرف اذاعة الجزائر نهاية شهر نوفمبر 1948
الجمعة نظن ان هذه التسجيلات قد تكون ضمن أرشيف المؤسسة الوطنية للإذاعة و
التلفزيون(R.T.A) بالعاصمة.
حسب شهادة الكثير من شيوخ المنطقة كان سي دريس رحال كلما سمحت له
الظروف و لعدة مرات كان يقود مع الحاج العربي بن صاري جوق الموسيقى
الاندلسية ، اما بمدينة تلمسان او مدينة ندرومة مثال:
المهرجان المصغر بتلمسان سنة 1947 أثناء عطلة (PENTECOTE) بثانوية مليحة حميـدو حالــــيا (EX : E.P.S DE TLEMCEN)
كان نشاط سي دريس الفني و الموسيقي متواصلا حتى بمسكنه ، بحيث كان
يملك مختلف الالات الموسيقية الوترية كالكامنجة (الالتر) الرباب ،
المندولين و القببري و البعض من الان الميــزان و الاقاع كالدربوكــة و
الطار ...
كما كان بحوزته مكتبة قيمة مختلف الأشعار و القصائد و النوبات في
كتابين الجزء الأول و الجزء الثاني ، كان الأول خاصا بالشعر المنظوم و
الثاني يحتوي على قصائد و الشعر من النوع ( الحوزي العروبـــي و الملحون)
لشعراء من مدينة ندرومة كالشيخ الزياني ، قدور بن عاشور، سيدس محمد
الرمعون ، و من تلمسان كمحمد بن مسايب بومدين بن سهلا ، مصطفى بن ديمراد
.....و من جهات اخرى من الوطن مثل سيدي لخضر بن اخلوف ، سيدي المنداسي و
عبد العزيز المغراوي من المغرب .
فمفكر متفتح كان سيد ريس رحال رحمه الله متمسكا بالتقاليد بلدته و
أجداده العفيفة فعلى سبيل المثال لباسه كان 100 بالمائة تقليديا ندر ومي
محض فدائما المقفولة ، القاط ، الجلابة العريضة ،بحيث كان يفصلها على
النوعية المغربية الضيقة و كذلك الكلح و البلغة و الصباط عربي و السروال
العربي .
إن شخصيته القوية لم تتركه يتقبل و لو لمرة واحدة اهانة و ظلم
المستعمر مما كان يجعله يتعرض لضغوطات إدارة المستعمر الفرنسي ..... كما
كان شديد الارتباط بالغة العربية و النهج الإسلامي الخالي من الخرافـــات
و الانحرافات المختلفة .
مات و قد حقق أمنيته المتمثلة في حضـــوره و مشاهدتـــه و وقائع اندلاع حرب التحرير الوطنيـــة (1 نوفمبر 1954) .
بندرومة مازلنا نسمع و نستعمل المثل الشعبي المستوحى من الدروس التي
لقنها السيد ريس رحال لتلاميــذه و أصدقائه و أبنائه و التي كانت اغلبها
يتمثل في القـــوام و الانضـــباط و حسن الخلــق، ألا و هو (احكام سي
دريس) رحمه الله و اسكنه فسيح جنانه.
2:55 م
صور حديثة لمدينة ندرومة من فوج التضامن
بسم الله الرحمن الرحيم
تحية كشفية للجميع :
أما بعد :
هذه بعض الصور لمدينة ندرومة حاليا ، بكاميرا فوج التضامن ، التي أتمنى أن تعجبكم
تحية كشفية للجميع :
أما بعد :
هذه بعض الصور لمدينة ندرومة حاليا ، بكاميرا فوج التضامن ، التي أتمنى أن تعجبكم















2:51 م
ليالي ندرومة في الصيف
أثناء تواجدنا بشاطئ سيدنا يوشع في اطارجولتنا
الصيفية عبر المواقع السياحية المحاذية للبحر.. دعانا بعض الأصدقاء لحضور
حفل زفاف بمدينة ندرومة. و كان ذلك بالنسبة لنا فرصة لملاقاة أقارب لنا و
أصحاب قدماء.. و أيضا للاستماع الى أغاني جميلة من الطرب الأندلوسي و
الحوزي.. من تأدية مطربين ماهرين من المدينة نفسها

و قبل أن أصف لكم مختلف مراحل »العرس »
في تلك العشية.. يستوقفني شعور غريب كلما زرت تلك المدينة الطيبة و كأن
الذرات و العناصر الأساسية و الهامة لجسمي و روحي تنتعش بشكل أكثرو تنتشي
من الأجواء العذبة لهذه المنطقة العريقة.. فينفتح قلبي لكل النفحات و
الأنفاس الخفية التي تهب من عدة أماكن.. أو بالأحرى من عدة مصادر.. و تصب
كليا في اتجاه المدينة الهادئة.. و أزقتها القديمة و مساجدها العتيقة..
محتلة الساحات العامة و البيوت المغلقة و المفتوحة في نفس الوقت.. متسللة
داخل الأعماق البشرية.. شعور غريب حقا يمتلك الانسان الآتي من بعيد و الذي
يعيش تلك السويعات الجميلة في تلك الليالي الصيفية القصيرة

فان
ليالي ندرومة في الصيف لا يوجد لها مثيل على الاطلاق في أي مكان آخر.. و
تبدو المدينة.. في بداية المساء الى ساعة متأخرة من الليل و كأنها مغشاة
بستارسحري معبق.. يلف أركان المدينة بنفحاته اللطيفة و المعطرة.. أنفاس
عجيبة ناشئة من مزيج عذب و ثاقب لهواء نقي و خفيف.. نازل من
جبال »فلاوسن »الشامخة المحيطة بالمدينة و من الغابات المجاورة من أشجار
الصنوبر و البلوط والخروب و الدردار و اللوزو ساسنو و انواع أخرى من
الأشجار المثمرة و الأعشاب الطبية المتنوعة مثل فلايو و نوخا و الشيح و
الريحان و الخزامى.. بالاضافة الى أريج زكي و الروائح الطيبة المتصاعدة
من حدائق الزهور التابعة للمنازل الفردية داخل المدينة.. حيث يهوى السكان
الندروميون زراعة الورود و الزهور الجميلة العبقة و كذا الأشجار و النباتات
المعطرة.. كشجر الليمون و الياسمين و مسك الليل و الحبق و القرنفل بمختلف
أنواعه.. يضاف الى ذلك المزيج العذب و الخفي.. جرعات قوية من حنين الماضي
الشيق و الخالد و المتجدد عبر التقاليد الاجتماعية و الثقافية الأصيلة
بقلم محمد نيار
2:48 م
البلد الصامد
البلد الصامد
من أحسن الشعور وهو انك في أمان وسلام
نتربى في مكان فيه كل الحنان ولا فيه الآلام
لك أسرة أب وأيضا أم ولهما كل الاحترام
فوطنك يسعى إلى أن يقدم لك كل الخدام
وكل ماتحتاج إليه ومن الطبيعي ينقص شيء من العام
وهو لأبنائه يقدم كل الثقافة والإعلام
وحب وطنك لك ولكل شخص وحبك له هدا من التمام
تفدي بروحك له و تدافع عنه بقطرات من الدم
لا تتركه يذبل واجتهد له واعمل بحق ليبقى في الأمان
مهما كان الوضع ومهما كانت المعيشة هو في القلب دوام
أنه لك وأنك منه و تقدمك وتطرك له غنام
أنا وأنت من تراب وطننا ترعرعنا فيه وتشهد علينا الأقدام
لانفشه ولا يضرنا وأن لا نحميه وليحمينا هدا حرام
كل وطن يعتبر على فرح وحرية ودين مسيحي أو إسلام
وشعبه متعاون ومتضامن من لاشجار ولا جرام
فنحن أبناء وطننا وله منا وصية تصله من الحمام
لن يأتي أي عدو مادام أننا لا نريد له الخصام
وأن نسافر ونتركه ونكون ضده لا يكون حتى في المنام
وعدد مناله لأنه ألماس في عنقنا وسام
نعليه ونثابر من أجله وهدا ليس أبدا من الأحلام
ونضحي لأجله ليس إلا بالمال بل الموت ختام
البلد فوق رؤوس الشعب وعنه لا نستطيع التعبير بالكلام
وعز جماله وتاريخه محفوظ ومكتوب بكل الأقلام
فالبلدان لها حقوق و واجبات نميزهم بالتي ترفرف بكل حنان وهي الأعلام.
صباطي سومية
من أحسن الشعور وهو انك في أمان وسلام
نتربى في مكان فيه كل الحنان ولا فيه الآلام
لك أسرة أب وأيضا أم ولهما كل الاحترام
فوطنك يسعى إلى أن يقدم لك كل الخدام
وكل ماتحتاج إليه ومن الطبيعي ينقص شيء من العام
وهو لأبنائه يقدم كل الثقافة والإعلام
وحب وطنك لك ولكل شخص وحبك له هدا من التمام
تفدي بروحك له و تدافع عنه بقطرات من الدم
لا تتركه يذبل واجتهد له واعمل بحق ليبقى في الأمان
مهما كان الوضع ومهما كانت المعيشة هو في القلب دوام
أنه لك وأنك منه و تقدمك وتطرك له غنام
أنا وأنت من تراب وطننا ترعرعنا فيه وتشهد علينا الأقدام
لانفشه ولا يضرنا وأن لا نحميه وليحمينا هدا حرام
كل وطن يعتبر على فرح وحرية ودين مسيحي أو إسلام
وشعبه متعاون ومتضامن من لاشجار ولا جرام
فنحن أبناء وطننا وله منا وصية تصله من الحمام
لن يأتي أي عدو مادام أننا لا نريد له الخصام
وأن نسافر ونتركه ونكون ضده لا يكون حتى في المنام
وعدد مناله لأنه ألماس في عنقنا وسام
نعليه ونثابر من أجله وهدا ليس أبدا من الأحلام
ونضحي لأجله ليس إلا بالمال بل الموت ختام
البلد فوق رؤوس الشعب وعنه لا نستطيع التعبير بالكلام
وعز جماله وتاريخه محفوظ ومكتوب بكل الأقلام
فالبلدان لها حقوق و واجبات نميزهم بالتي ترفرف بكل حنان وهي الأعلام.
صباطي سومية
12:47 م
ندرومي يدير مؤسسة في الولايات المتحدة تفوق موازنتها الجزائر
يُعد الدكتور إلياس آدم الزرهوني مزاحياً للكفاءات العربية المهاجرة المشعة ويمكن القول ان مسار هذا الباحث الأمريكي من أصل جزائري استثنائي ولكنه يؤكد مرة أخرى أن منهجية العمل الجاد والمتقن تقود صاحبها في نهاية المطاف إلى فرض نفسه في بيئات وأوساط تبدو لأول وهلة صعبة الاقتحام. ![]() والحقيقة أن الموقع الذي يحتله اليوم إلياس الزرهوني البالغ من العمر الثانية والخمسين لم يصل إليه أي عربي من قبله في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.. فهو يترأس معهد الصحة القومي الأمريكي الموجود في ولاية مريلاند.. ويعمل في هذه المؤسسة عشرة آلاف موظف وباحث.. أما موازنتها فإنها تعادل 27ملياراً ومائتي مليون دولار أي أنها تفوق مرتين موازنة الدولة الجزائرية في جميع المجالات.وتفوق موازنة معهد الصحة القومي الأمريكي الذي يترأسه إلياس الزرهوني موازنة نظيره الفرنسي ستين مرة.. ويمول المعهد ثلاثة وأربعين ألف مشروع تتولى فروعه السبعة والعشرون المنتشرة في الولايات المتحدة الأمريكية تنفيذها.. أما المشاريع التي يسهم المعهد في تمويلها كلياً أو جزئياً في العالم فهي كثيرة ومتعددة وتخص ![]() أساساً أمراض الايدز والسل والأمراض المعدية الكثيرة لاسيما في القارة الافريقية.كيف يمكن لجزائري مولود في قرية ندرومة الجزائرية الواقعة قرب الحدود الجزائرية المغربية الوصول إلى هذا المركز؟ إذا كان طرح هذا السؤال أمراً مشروعاً فإن من يطلع عن أهم المحطات التي طبعت حياة الياس الزرهوني يدرك أن شجاعة هذا الرجل الخمسيني وذكاءه وجدّيته سمات أساسية من تلك التي حملته على تحقيق النجاح تلو الآخر.فقد كان والده أستاذاً للرياضيات وتمكن من الانتقال من قرية ندرومة إلى الجزائر العاصمة حيث درس الياس الطب وتخرج الأول في الصف عام 1975بمرتبة الشرف الأولى.. وقد نصحه عمه الذي كان يقيم وقتها في السويد بالذهاب إلى الولايات المتحدة الأمريكية لاتمام دراسته في علم الأشعة.. وفعلاً قصد الزرهوني الولايات المتحدة وهو في الرابعة والعشرين من عمره ودرس في دجون هوبكنز يونفرستي هوسبتول ثم أصبح يدرس فيها.واكتشف أساتذته وزملاؤه أنه شاب موهوب وأن كل همه كان يتمثل في السعي إلى الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة لتطوير آلية الفحوص التي تتم بواسطة الأشعة ولم يكتف إلياس الزرهوني بتطوير هذه الفكرة عبر الممارسة والبحوث العلمية الغزيرة بل انه اصبح مخترعاً وسجّل عدة براءات في هذا المجال وأنشأ شركة لا تزال تنشط حتى اليوم وتعد من أفضل الشركات العالمية المتخصصة في تصنيع معدات الكشف عن الأمراض بواسطة الأشعة.. وفي عهد الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريغن عُيّن إلياس الزرهوني أحد مستشاري الإدارة الأمريكية في مجال الصحة.وفي السنة الماضية عيّنه الرئيس الحالي جورج بوش على رأس معهد الصحة القومي الأمريكي ووافق الكونغرس الأمريكي بالاجماع على عملية التعيين هذه يوم الثاني من مايو عام ألفين واثنين وهو حدث استثنائي باعتبار أن المرشحين لتولي هذا المنصب من الأمريكيين كانوا كثيرين.. بيد ان الزرهوني الذي قدم من قرية ندرومة الجزائرية وأصبح يملك الجنسية الأمريكية استطاع أن يبزّ كل المرشحين الآخرين وأن يخلف الدكتور هارولد فيرنوس الذي أحرز جائزة نوبل للطب ولديه ثقة بأن الياس الزرهوني سيحصل عليها يوماً ما ![]() | |
12:41 م
حياة عبد المؤمن بن علي الكومي
تمهيد:
علم من أعلام الجزائر ، و احد من قادتها الفاتحين الذين نشروا رسالة التوحيد في المغرب العربي تحت راية الدولة الموحدية في النصف الأول القرن 12 للميــــــلاد .
مولده و نسبه :
* هو أبو محمد عبد المؤمن بن علي القيسي ، الكومي ، الندرومـــي ولد حوالي 487 هـ /1094 م أو 500 هـ /1106 م فـــــــي قريـــة تاجرة الواقعة على سفح جبــــــــل تاجرا بالقرب من هنين شرقا و ندرومة غربا .
* كان والده " قاضيا" و قيل صانع أواني فخارية ، من عائلة بن مجبر من قبيلـــــــــة كومية التي تنتمي إليها ندرومة كـــــــــــذلك.
ينتسب عبد المؤمن إلى قبيلة كومية المشهورة بعددها و شجاعتها ، يتصل نسبه بدرية علي بن أبي طالب (رضي الله تعالى عنه).
نشأته و تعلمه :
* نشا عبد المؤمن محبا للعلم ، جادا في طلبه ، طموحا في الاستزادة منه كلما سمحت الظروف ، بدأ تعليمه في كتــاب القريـــــــة ( تاجرا) أين حفظ القران الكريم ، و تعلـــم الكتابة و القراءة بمدينة ندرومة ، و ألم بالفقه الإسلامي و السيرة النبويـــــــة فـــــي جامع تلمسان الذي كان مركز الإشعاع الثقافي آنذاك ، لكن الرغبة الجامحة في طلب العلم دفعـــــتــــه إلى الترحال صوب المشــــــــــرق العربي عندما بلغ العشرين مــــن عمره بـــــرفقة عمـــــــه معـــــرجا على مدينة بجايــــة عاصمة الحمادييــــــــن و أقاما بمسجـــد (الريحانـــــة) ، اتصل هناك بالفقيه محمد بن تومرت السوســـــــي و أصبح عبد المؤمن من اقرب ملازمي الفقيــــــه،مما جـــعلــه يعدل عن السفــــر إلى المشرق و ينكب على طلب العلم من الشيخ الفقيه، أصبح عبد المؤمــــــــــــن من المقربين وأنجب تلاميذه , شارك في الدعوة إلي التوحيد و الأمر بالمعروف والــــنهي عن المنكر , أعجب ابن تومرت بأخلاق التلميذ عبد المؤمن , لما لمح مـــــــن الفطنة و الذكاء و الشجاعة و النجابة في طلب العلم .

تأسيس الدولة الموحدية و تثبيت أركانها :
* بدأ عبد المؤمن دعوة التوحيد تحت راية شيخه , و أطلق علي أتباعه اسم الموحدين ثم غادر بجاية رفقة شيخـــه متوجــــــــها إلى المغرب الأقصى , توقفا بمنطقة السوس حيث بويع ابن تومرت كمهدي الموحدين سنة 1124م للقضاء علي دولة المرابطيــن حكام المغرب الأقصى و الأندلس، وبعد وفاة المهدي سنة 1130م عين عبد المؤمــن علي أميــــــرا على رأس الموحديـــــــــــن و دام قتالــــــــــــــه للمرابطــــــــيــــن 07 سنوات من سنة 1139 م إلى غاية 1146م فتح إثنائها أزرو و الريف ثم مسقط رأســـــه تاجرا و ندرومة ثم و هران و تلمسان ، وجدة ، فاس ، مكناس و مــــــــــدن الأندلس ، أبرزها اشبيلية ، ثم واصل زحفه على مليانـــة ، الجزائر ، بجاية ، قسنطينة ، ثم خضعت له بعد ذلك تونس ،المهدية ، القيروان ، سفاقص ، سوسة ، طرابلــــــس و قابس بفضــــــل الجيش القوي الذي كان قوامه 75000 جندي ، و سبعين سفينة ، أدار و حكم هذه الأقاليم بحكمة و حنكة وفق نظام يقـــــوم على الخليفة و الشيخ و ولي العهد و الوزير و الكتاب و ولاة الولايات و جباية الضرائب ، عين أولاده على رأس الولايــــــات و عين بجانبهم أبناء شيوخ الموحدين ، يعود له الفضل في تأسيس مدينة ندرومة حوالي 1160 م على أنقاض مدينة كبيرة لا يعـــــــرف تاريخ تأسيســـــــــها .
صفاته و وفاته :
ذ كر ابن أبي زرع في كتاب " روض القرطاس " صفاته فقال :
كان ابيض اللون مستويا ، بحمرة ، أكحل العين ، أجعد ، تام القد ، أزج الحاجبيــن، قويم الأنف ، عريضة ، مستدير اللحيـــــة ، فصيح اللسان ، فقيها ..... إماما في النحو اللغة و الأدب و القراءة... حسن السيرة، نافد الرأي، ذا حزم و سياسة و شجاعــــــــة و إقــــــدام في الحــــــــــــــــــرب.... لم يقصــــــــــــد بلــــــــدا إلا فتحـــــــــها....."
توفي سراج الموحدين عبد المؤمن بن علي سنة 1163 م بسلا ( أو الربـــــــاط) بعد مرض خطير لازمه ، ذكره شاعر الثورة مفدى زكرياء في إليـــــــادة الجزائـــــــــــــر .
الخاتمة:
و تنجب ندرومة الخالديـن ******* فتعلى الجزائر منا الجبين
و يصنــــع وحدتنا ابن علي ******* فيرفــــع رايتـــها باليميــن
علم من أعلام الجزائر ، و احد من قادتها الفاتحين الذين نشروا رسالة التوحيد في المغرب العربي تحت راية الدولة الموحدية في النصف الأول القرن 12 للميــــــلاد .
مولده و نسبه :
* هو أبو محمد عبد المؤمن بن علي القيسي ، الكومي ، الندرومـــي ولد حوالي 487 هـ /1094 م أو 500 هـ /1106 م فـــــــي قريـــة تاجرة الواقعة على سفح جبــــــــل تاجرا بالقرب من هنين شرقا و ندرومة غربا .
* كان والده " قاضيا" و قيل صانع أواني فخارية ، من عائلة بن مجبر من قبيلـــــــــة كومية التي تنتمي إليها ندرومة كـــــــــــذلك.
ينتسب عبد المؤمن إلى قبيلة كومية المشهورة بعددها و شجاعتها ، يتصل نسبه بدرية علي بن أبي طالب (رضي الله تعالى عنه).
نشأته و تعلمه :
* نشا عبد المؤمن محبا للعلم ، جادا في طلبه ، طموحا في الاستزادة منه كلما سمحت الظروف ، بدأ تعليمه في كتــاب القريـــــــة ( تاجرا) أين حفظ القران الكريم ، و تعلـــم الكتابة و القراءة بمدينة ندرومة ، و ألم بالفقه الإسلامي و السيرة النبويـــــــة فـــــي جامع تلمسان الذي كان مركز الإشعاع الثقافي آنذاك ، لكن الرغبة الجامحة في طلب العلم دفعـــــتــــه إلى الترحال صوب المشــــــــــرق العربي عندما بلغ العشرين مــــن عمره بـــــرفقة عمـــــــه معـــــرجا على مدينة بجايــــة عاصمة الحمادييــــــــن و أقاما بمسجـــد (الريحانـــــة) ، اتصل هناك بالفقيه محمد بن تومرت السوســـــــي و أصبح عبد المؤمن من اقرب ملازمي الفقيــــــه،مما جـــعلــه يعدل عن السفــــر إلى المشرق و ينكب على طلب العلم من الشيخ الفقيه، أصبح عبد المؤمــــــــــــن من المقربين وأنجب تلاميذه , شارك في الدعوة إلي التوحيد و الأمر بالمعروف والــــنهي عن المنكر , أعجب ابن تومرت بأخلاق التلميذ عبد المؤمن , لما لمح مـــــــن الفطنة و الذكاء و الشجاعة و النجابة في طلب العلم .

تأسيس الدولة الموحدية و تثبيت أركانها :
* بدأ عبد المؤمن دعوة التوحيد تحت راية شيخه , و أطلق علي أتباعه اسم الموحدين ثم غادر بجاية رفقة شيخـــه متوجــــــــها إلى المغرب الأقصى , توقفا بمنطقة السوس حيث بويع ابن تومرت كمهدي الموحدين سنة 1124م للقضاء علي دولة المرابطيــن حكام المغرب الأقصى و الأندلس، وبعد وفاة المهدي سنة 1130م عين عبد المؤمــن علي أميــــــرا على رأس الموحديـــــــــــن و دام قتالــــــــــــــه للمرابطــــــــيــــن 07 سنوات من سنة 1139 م إلى غاية 1146م فتح إثنائها أزرو و الريف ثم مسقط رأســـــه تاجرا و ندرومة ثم و هران و تلمسان ، وجدة ، فاس ، مكناس و مــــــــــدن الأندلس ، أبرزها اشبيلية ، ثم واصل زحفه على مليانـــة ، الجزائر ، بجاية ، قسنطينة ، ثم خضعت له بعد ذلك تونس ،المهدية ، القيروان ، سفاقص ، سوسة ، طرابلــــــس و قابس بفضــــــل الجيش القوي الذي كان قوامه 75000 جندي ، و سبعين سفينة ، أدار و حكم هذه الأقاليم بحكمة و حنكة وفق نظام يقـــــوم على الخليفة و الشيخ و ولي العهد و الوزير و الكتاب و ولاة الولايات و جباية الضرائب ، عين أولاده على رأس الولايــــــات و عين بجانبهم أبناء شيوخ الموحدين ، يعود له الفضل في تأسيس مدينة ندرومة حوالي 1160 م على أنقاض مدينة كبيرة لا يعـــــــرف تاريخ تأسيســـــــــها .
صفاته و وفاته :
ذ كر ابن أبي زرع في كتاب " روض القرطاس " صفاته فقال :
كان ابيض اللون مستويا ، بحمرة ، أكحل العين ، أجعد ، تام القد ، أزج الحاجبيــن، قويم الأنف ، عريضة ، مستدير اللحيـــــة ، فصيح اللسان ، فقيها ..... إماما في النحو اللغة و الأدب و القراءة... حسن السيرة، نافد الرأي، ذا حزم و سياسة و شجاعــــــــة و إقــــــدام في الحــــــــــــــــــرب.... لم يقصــــــــــــد بلــــــــدا إلا فتحـــــــــها....."
توفي سراج الموحدين عبد المؤمن بن علي سنة 1163 م بسلا ( أو الربـــــــاط) بعد مرض خطير لازمه ، ذكره شاعر الثورة مفدى زكرياء في إليـــــــادة الجزائـــــــــــــر .
الخاتمة:
و تنجب ندرومة الخالديـن ******* فتعلى الجزائر منا الجبين
و يصنــــع وحدتنا ابن علي ******* فيرفــــع رايتـــها باليميــن
7:59 ص
Nédroma, vue de l'ouest d'après un dessin de Dr Verdalle
Aujourd'hui, comme au temps d'Al Bekri, Nédroma est entourée de jardins produisant des fruits ; elle étale ses maisons en terrasses, qui dévalent sur la Qasba ; elle est enfermée dans un quadrilatère d'environ quinze à vingt hectares, jalonné par les vestiges, apparents par endroit, de l'ancienne enceinte.
Cette ville a bien gardé son allure médiévale de cité d'Islam occidental avec au centre ouest, dominant de haut les maisons d'alentour, le minaret de la grande Mosquée. Une petite place "tarbia ou rectangle" - autour de laquelle s'ouvrent un vieux Bain maure, annexe de la mosquée, et les souks, dont les rues étroites aboutissent là - donne un peu d'air à cet édifice religieux et à ce quartier central qui a pris, lui aussi, le nom de la tarbia : "quartier de la tarbia". D'autres mosquées plus petites et d'autres oratoires se trouvent dans les divers quartiers de la ville ; mais on ne les distingue guère des autres maisons, parce qu'elles n'ont pas de minaret ou seulement un minaret très bas, dominant à peine la mosquée. La principale de ces mosquées de quartier est le Djamâa Al Qaddarin, "la Mosquée des Potiers" qui serait disent les habitants, la plus ancienne des Mosquée de Nédroma. A défaut de documents dignes de foi, on ne peut guère donner créance à une telle tradition orale ; celle-ci tend du moins comme le nom lui-même de cet oratoire, à souligner l'importance ancienne du rôle des Potiers, dont l'industrie archaïque est encore prospère à Nédroma.
Le Djamâa Al Qaddarin est un oratoire, avec la Grande Mosquée où se fasse la khotba du Vendredi ; elle se trouve dans le quartier des Béni Zid, au sud-est de la ville. Dans le quartier de Ras-ejjmâa, au sud-ouest, sont les oratoires de Sidi Bou Ali et de Lalla Alya ; ceux de Djamâa Al Haddadin, "Mosquée des forgerons", Djamâa Arraiya, Djamâa Sidi Syad, sont dans le quartier de Derbe essoq, qui se trouve au nord de la Grande Mosquée et de la ville.
7:26 ص
ندرومة ..مدينة التاريخ العريق
السلام :
فان مدينة ندرومة استطاعت أن تحافظ على طرازها المعماري الاسلامي بالنسبة للأحياء السكانية القديمة و أسلوب البناء للكثير من المنازل الفردية الحديثة و تقدم للباحثين مثالا واضحا للمدينة الاسلامية النموذجية حيث نجد الجامع الكبير بمئذنته الشامخة يتوسط الأحياء القديمة و بجواره الساحة العمومية الرئيسية”التربيعة” أين يلتقي بها المصلون و المواطنون على حسائر المقاهي أو حول الطاولات تحت ظل الأشجار أيام الجمعة و في أيام الأعياد و المناسبات الدينية و كذلك في أوقات المساء و العطل و نجد قرب المسجد الكبير الحمام البالي أو القديم بنفس الساحة التي تنطلق منها الأزقة و الشوارع الضيقة المؤدية الى مختلف الأحياء الشعبية المحيطة بها و الى الأسواق و المحلات التجارية المنتشرة بها هذا و قد شيد المسجد الكبير لمدينة ندرومة سنة 1081-م من طرف يوسف بن تاشفين في عهد المرابطين و يعد من أقدم مساجد الجزائر الى جانب مسجد تلمسان في عام1082 م- و المسجد الكبير لمدينة الجزائر العاصمة ستة1096م و أما مئذنة الجامع الكبير لمدينة ندرومة فقد تم بناؤها في عهد الموحدين سنة1348م هناك أيضا العديد من من المساجد القديمة التي بنيت في نفس الفترة.. مثل مسجد القدارين بحي بني زيد و الذي تم تشييده أثناء الدولة الموحدية و مقام سيدي بو علي و مسجد سيدي منديل و مسجد سيدي سياج الأندلسي و مسجد سيدي سعيداني بحي بني عفان و مقام سيدي البجاوي و هذا بالاضافة الى قصر السلطان الموحدي و يذكرنا تاريخ ندرومة المجيد على وجه الخصوص بقائد الدولة الموحدية عبد المومن بن علي الكومي الذي انطلق من هذه المدينة العريقة بفكر اصلاحي متجدد لمقاومة الفساد و الظلم في مجتمعات منطقة المغرب العربي و هذا بعد لقائه و تاثره بالعالم و الفقيه الكبير المهدي بن تومرت الذي بدا الدعوة الاصلاحية ناصحا الناس الى التوحيد الخالص فاطلق على أنصاره اسم “الموحدون” و قامت الدولة الموحدية بقيادة عبد المومن بن علي و رفع شعار “الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر”فقضى على دولة المرابطين و دخل مدينة مراكش عام 1147م ثم طرد الصقيليين من سواحل المغرب العربي و أنهى حكم بني زيري و بني حماد و استعاد مدينة اشبيليا و بسط سلطته على الأندلس حكم عبد المومن بن علي مدة 34 سنة و عرف عصره حركة اصلاحية اجتماعية و أخلاقية هامة و وحد المغرب العربي تحت الدولة الموحدية من تونس الى الأندلس و جنوب فرنسا و على ذكر الشخصيات التاريخية البارزة لا بد من الاشارة الى قٌائد آخر نشأ و ترعرع بمنطقة غير بعيدة عن ندرومة قرب وادي تافنة الا و هو القائد البحري الكبير طارق بن زياد الذي فتح الأندلس سنة 711م و صاحب المقولة الشهيرة.. “أيها الناس.. أين المفر؟ البحر من ورائكم و العدو أمامكم.. و ليس لكم و الله الا الصدق و الصبر..” و من الشخصيات المعاصرة العديدة التي خرجت من رحم مدينة ندرومة نذكر على الخصوص الدكتور الياس آدم الزرهوني-52سنة-المدير الحالي لمعهد الصحة القومي للولايات المتحدة الأمريكية و الموجود بولاية مريلاند و هذا العالم الكبير الذي ولد بندرومة و درس بالجزائر قبل أن يهاجر الى أمريكا يعد حاليا من أبرز الكفاءات العلمية في ميدان تخصصاته و هو يرأس مؤسسة ميزانيتها27مليار دولار و هي تفوق مرتين ميزانية الدولة الجزائرية في كل المجالات هناك كفاءات و شخصيات أخرى كثيرة نبعت من مدينة ندرومة في ميادين الفن و الثقافة و المعرفة و الطب و الهندسة و التربية و التعليم و السياسة و الشعر و الموسيقى و الحرف و الصناعات المختلفة و من جهة أخرى فان ندرومة و المناطق المجاورة لها عرفت خلال الثورة التحريرية نضالات و تضحيات كبيرة نذكر على وجه الخصوص معركة “فلاوسن” الشهيرة
فان مدينة ندرومة استطاعت أن تحافظ على طرازها المعماري الاسلامي بالنسبة للأحياء السكانية القديمة و أسلوب البناء للكثير من المنازل الفردية الحديثة و تقدم للباحثين مثالا واضحا للمدينة الاسلامية النموذجية حيث نجد الجامع الكبير بمئذنته الشامخة يتوسط الأحياء القديمة و بجواره الساحة العمومية الرئيسية”التربيعة” أين يلتقي بها المصلون و المواطنون على حسائر المقاهي أو حول الطاولات تحت ظل الأشجار أيام الجمعة و في أيام الأعياد و المناسبات الدينية و كذلك في أوقات المساء و العطل و نجد قرب المسجد الكبير الحمام البالي أو القديم بنفس الساحة التي تنطلق منها الأزقة و الشوارع الضيقة المؤدية الى مختلف الأحياء الشعبية المحيطة بها و الى الأسواق و المحلات التجارية المنتشرة بها هذا و قد شيد المسجد الكبير لمدينة ندرومة سنة 1081-م من طرف يوسف بن تاشفين في عهد المرابطين و يعد من أقدم مساجد الجزائر الى جانب مسجد تلمسان في عام1082 م- و المسجد الكبير لمدينة الجزائر العاصمة ستة1096م و أما مئذنة الجامع الكبير لمدينة ندرومة فقد تم بناؤها في عهد الموحدين سنة1348م هناك أيضا العديد من من المساجد القديمة التي بنيت في نفس الفترة.. مثل مسجد القدارين بحي بني زيد و الذي تم تشييده أثناء الدولة الموحدية و مقام سيدي بو علي و مسجد سيدي منديل و مسجد سيدي سياج الأندلسي و مسجد سيدي سعيداني بحي بني عفان و مقام سيدي البجاوي و هذا بالاضافة الى قصر السلطان الموحدي و يذكرنا تاريخ ندرومة المجيد على وجه الخصوص بقائد الدولة الموحدية عبد المومن بن علي الكومي الذي انطلق من هذه المدينة العريقة بفكر اصلاحي متجدد لمقاومة الفساد و الظلم في مجتمعات منطقة المغرب العربي و هذا بعد لقائه و تاثره بالعالم و الفقيه الكبير المهدي بن تومرت الذي بدا الدعوة الاصلاحية ناصحا الناس الى التوحيد الخالص فاطلق على أنصاره اسم “الموحدون” و قامت الدولة الموحدية بقيادة عبد المومن بن علي و رفع شعار “الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر”فقضى على دولة المرابطين و دخل مدينة مراكش عام 1147م ثم طرد الصقيليين من سواحل المغرب العربي و أنهى حكم بني زيري و بني حماد و استعاد مدينة اشبيليا و بسط سلطته على الأندلس حكم عبد المومن بن علي مدة 34 سنة و عرف عصره حركة اصلاحية اجتماعية و أخلاقية هامة و وحد المغرب العربي تحت الدولة الموحدية من تونس الى الأندلس و جنوب فرنسا و على ذكر الشخصيات التاريخية البارزة لا بد من الاشارة الى قٌائد آخر نشأ و ترعرع بمنطقة غير بعيدة عن ندرومة قرب وادي تافنة الا و هو القائد البحري الكبير طارق بن زياد الذي فتح الأندلس سنة 711م و صاحب المقولة الشهيرة.. “أيها الناس.. أين المفر؟ البحر من ورائكم و العدو أمامكم.. و ليس لكم و الله الا الصدق و الصبر..” و من الشخصيات المعاصرة العديدة التي خرجت من رحم مدينة ندرومة نذكر على الخصوص الدكتور الياس آدم الزرهوني-52سنة-المدير الحالي لمعهد الصحة القومي للولايات المتحدة الأمريكية و الموجود بولاية مريلاند و هذا العالم الكبير الذي ولد بندرومة و درس بالجزائر قبل أن يهاجر الى أمريكا يعد حاليا من أبرز الكفاءات العلمية في ميدان تخصصاته و هو يرأس مؤسسة ميزانيتها27مليار دولار و هي تفوق مرتين ميزانية الدولة الجزائرية في كل المجالات هناك كفاءات و شخصيات أخرى كثيرة نبعت من مدينة ندرومة في ميادين الفن و الثقافة و المعرفة و الطب و الهندسة و التربية و التعليم و السياسة و الشعر و الموسيقى و الحرف و الصناعات المختلفة و من جهة أخرى فان ندرومة و المناطق المجاورة لها عرفت خلال الثورة التحريرية نضالات و تضحيات كبيرة نذكر على وجه الخصوص معركة “فلاوسن” الشهيرة
منقول
و شكرا
حفظك الله يا بلدي
و شكرا
حفظك الله يا بلدي
7:23 ص
المسجد الكبير في ندرومة
يشكل المسجد الكبير في ندرومة، ببلاطاته المتعامدة مع جدار القبلة وصحنه المزين بالأروقة،
نموذجا للفن الإسلامي المغاربي. ينتظم الجامع في تصميم مستطيل،
تعلوه سقوف جملونية متوازية من القرميد. وتقدم قاعة الصلاة تسع بلاطات منفصلة
بدعامات تربط بين عقود على شكل حدوة حصان كاملة الاستدارة. المحراب بسيط؛
والمنارة شُيدَت قرنين فيما بعد،
كما تشير إلى ذلك نقيشة كتابية منقوشة على لوحة من الرخام



نموذجا للفن الإسلامي المغاربي. ينتظم الجامع في تصميم مستطيل،
تعلوه سقوف جملونية متوازية من القرميد. وتقدم قاعة الصلاة تسع بلاطات منفصلة
بدعامات تربط بين عقود على شكل حدوة حصان كاملة الاستدارة. المحراب بسيط؛
والمنارة شُيدَت قرنين فيما بعد،
كما تشير إلى ذلك نقيشة كتابية منقوشة على لوحة من الرخام



تاريخ/حقبة الإنشاء : المسجد 1145، المئذنة 1348م
مستلزمات الإنشاء : الحجارة ، الآجر، الجبس، القرميد، الخشب
الديكور المعماري : الزليج والرخام والجبس المنقوش
مؤلف : يوسف بن تاشفين.المئذنة: المهندس محمد السيسي
- النقيشة الأولى محفورة على لوح من خشب الأرز على المنبر تتكون من جزأين
: الجزء الأول يتوسط اللوح والثاني يحيط به، وهي تؤرخ لصناعة المنبر من
طرف الأمير يوسف بن تاشفين خلال القرن 11م.
"ومن يبتغ غير الإسلام
دينا فلن يقبل منه. هذا ما أنعم به الأمير السيد يوسف بن تاشفين أدام الله
توفيقه وأجزل. كان الفراغ منه على يدي الفقيه القاضي أبو محمد عبد الله
يوم الخميس السابع عشر من شهر......"
"(الر) حمن الرحيم وصلى الله.......وآله الطيبين وسلم تسليما. لا إله إلا الله محمد رسول الله. إن الدين عند الله....."
- النقيشة الثانية موجود بالمئذنة، وهي مكتوبة على الرخام بخط نسخي مغربي بارز على أرضية خضراء.
"بسم
الله الرحمن الرحيم صلى الله على سيدنا محمد بنى هذه المئذنة أهل ندرومة
بأموالهم وأنفسهم وكل احتساب لله وانبنت في خمسين يوما وبناها محمد بن عبد
الحق بن عبد الرحمن الشيصي عام تسع واربعين وسبعمائة رحمة الله عليهم
اجمعين."
بالرغم من حجمه الصغير، فإن مسجد ندرومة يشبه من حيث
التصميم المسجد الكبير بدمشق لكنه ينتمي إلى صنف المساجد الأندلسية، وخاصة
جامع قرطبة الذي يتميز ببلاطات موازية للقبلة. المسجد ذو شكل مستطيل ويتم
الولوج إليه بواسطة أبواب مفتوحة في زوايا الجدار الشمالي. هذه الاخيرة
تؤدي إلى بلاطات موازية لجدار القبلة تمتد على جانبي الصحن المستطيل لتشكل
أروقة ثلاثية جانبية.
يؤدي الصحن المتواجد قبالة المحراب إلى قاعة
الصلاة التي تضم تسع بلاطات. ترتكز هذه الأخيرة على أعمدة تعلوها أقواس
متجاوزة. يعلو الفضاء المجاور للمحراب قبوٌ ذو قوس دير وهو ما يبعث على
الاعتقاد بأن هذا المربع لم يسبق تغطيته بواسطة قبة. أما المحراب فيتكون
من كوة متعددة الأضلاع كما هو الحال عليه في العديد من مساجد الغرب
الجزائري التي عرفت تأثيرات جامع قرطبة. يحمل المنبر الذي لم يتبق منه إلا
بعض القطع المحفوظة حاليا بالمتحف الوطني للآثار والفنون الاسلامية
بالجزائر، نقيشة جميلة الصنع مكتوبة بخط كوفي قرمطي ظهر لأول مرة بتونس
خلال القرن العاشر الميلادي؛ وتشبه واجهاته تلك التي تنتمي لمنبري الجامع
الأموي بالمدينة المنورة ومسجد الأندلسيين بفاس[1].
ترتفع المئذنة
في الزاوية الشمالية الشرقية للصحن، وهي من مميزات مساجد بني عبد الواد
التي من المؤكد أنها شهدت تأثيرات للبنايات الدينية الموحدية مثل مسجدي
الكتبية وإشبيلية. تتخذ المئذنة شكلا مربعا ويعلوها منور بينما تنتظم
زخارفها في إطارات مستطيلة بشكل متدرج. ففي الأسفل، يوجد عقدان مفصصان على
شاكلة تلك الموجودة بمئذنة أكادير وتعلوها شبكة معينات ناتجة عن تداخل
أقواس منحنية ومتقاطعة، ولا نلاحظ أي زخرف بداخل الإطار العلوي الذي من
المحتمل أنه كان مغطى بإفريز من الزليج كما هو الحال في مسجد العباد (
المتواجد بالقرب من تلمسان 1339م). استعمل هذا النوع من الزخارف لأول مرة
من طرف الموحدين في مآذن الكتبية والقصبة بمراكش ومسجد حسن بالرباط
والخيرالدة بإشبيلية ( نهاية القرن 12م).
تقدم لنا الهندسة
المعمارية لمسجد ندرومة عناصر خاصة كالعقد المتجاوز ذو محورين الذي يختلف
الباحثون حول أصله. فليسيان جولفان يعتقد بأن البيزنطيين استعملوه في
البناء خلال القرن الرابع بكل من بيت العماد في مار يعقوب بنسيبين وخوجا
كاليسي (القرن 6)، في حين يشير هنري تيراس إلى استعماله من طرف القوطيين
بإسبانيا
7:03 ص
صناعة الجلابة - ندرومة -
صناعة الجلابة - ندرومة -
في مدينة ندرومة الجزائرية التي يعود تاريخها إلى القرن 5 هجري، تصنع الجلابة وهي اللباس التقليدي الملكي الذي يرتديه الرجال، البراشمي أي الحرفي المختص في صناعة الجلابة يستخدم القماش من نوع القطن أو الكتان لخياطة الجلابة في فصل الصيف كي يعكس أشعة الشمس بألوانه الفاتحة والموحدة، وفي فصل الشتاء يفضل أن تكون الجلابة من الوبر بلونه الداكن لتقي الرجل من البرد القارص.



الجلابة تتميز بكونها لباسا فضفاضا ذو أكمام طويلة و يمتد إلى حذو الكعبين وعادة ما ترفق الجلابة بغطاء الرأس الذي يسمى بالشاشية أو الطربوش الاحمر المصنوع من الصوف الحر للغنم أو الماعز، ويلبس الرجال البلغة عوضا عن الحذاء عند ارتداء الجلابة، لتحافظ على سلامة القدم وتتوفر على خلفية ترفع كالحذاء بما يساعد على الجري والتحكم في سرعتها بواسطة أسفلها الناعم والجلدي.
و ان هذا الزي التقليدي المغربي الاصل الاصيل مفضلا عند كثير من الندروميين الاصل . كما يلقي إقبالا كبيرا من طرف الرجال والشباب والاطفال باعتباره رمز الاصالة والعادات والتقاليد الندرومية كما اصبح يلبس في مختلف الاوقات والمناسبات والاعياد .
والجلابة نوعان تختلف حسب الفصول فهنالك:
جلابة خاصة بفصل الصيف تستعمل فيها اثواب القطن الكتان والحريروتكون الوانها فاتحة وزاهية كما ان الثوب المسعمل فيها يكون خفيفا.
وجلابة خاصة بفصل الشتاء ومن مييزاتها انها تكون فضفضة وطويلة ومصنوعة من ثوب غليظ نوعا يقي من شدة البرودة.
كما اننا نجد ان جلابة مكونة من قطعة واحدة ذات تصاميم و طريقة خياطة و تزيين تكون بسيطة و في قمة الأناقة و الإبداع حسب المصمم أو الخياط و الثوب والموضة السائدة و الشي ذاته بالنسبة الجلابة المكونةمن جزئين يلبسان الواحد فوق الآخر وهي مايطلق عليها بالجابدور فالجزء الموجود بالاسفل يسمى التحية ويمكن ارتداء الجلابة بدونه طبعا

و من خلال قيامك بجولة في شوارع ندرومة ، تكشف لك هذه الأخيرة عن واقع مرير ! مع العلم أن هناك " من لا يُدخله ضمن خانة المرارة" واقع يرصد لك ماتتعرض له الجلابة ، رَمز والأصالة، رمز الحشمة والوَقار من إساءة وتشويه .
في نظري وجب للجهات الوصية على حقل الصناعة التقليدية و بتنسيق مع الجهات الوصية على الشأن الديني ببلادنا في مقاربة تشاركية، أن يتخذا من خلالها التدابير اللازمة لإنقاذ الجلابة من الضيق الحاصل لها ! والذي يكشف عن ضيق النفوس أيضا وقَبلها منعُ الفتنة المزروعة التي تَتسبب لذوي النفوس المريضة في مشاكل أكثر.
في مدينة ندرومة الجزائرية التي يعود تاريخها إلى القرن 5 هجري، تصنع الجلابة وهي اللباس التقليدي الملكي الذي يرتديه الرجال، البراشمي أي الحرفي المختص في صناعة الجلابة يستخدم القماش من نوع القطن أو الكتان لخياطة الجلابة في فصل الصيف كي يعكس أشعة الشمس بألوانه الفاتحة والموحدة، وفي فصل الشتاء يفضل أن تكون الجلابة من الوبر بلونه الداكن لتقي الرجل من البرد القارص.




الجلابة تتميز بكونها لباسا فضفاضا ذو أكمام طويلة و يمتد إلى حذو الكعبين وعادة ما ترفق الجلابة بغطاء الرأس الذي يسمى بالشاشية أو الطربوش الاحمر المصنوع من الصوف الحر للغنم أو الماعز، ويلبس الرجال البلغة عوضا عن الحذاء عند ارتداء الجلابة، لتحافظ على سلامة القدم وتتوفر على خلفية ترفع كالحذاء بما يساعد على الجري والتحكم في سرعتها بواسطة أسفلها الناعم والجلدي.
و ان هذا الزي التقليدي المغربي الاصل الاصيل مفضلا عند كثير من الندروميين الاصل . كما يلقي إقبالا كبيرا من طرف الرجال والشباب والاطفال باعتباره رمز الاصالة والعادات والتقاليد الندرومية كما اصبح يلبس في مختلف الاوقات والمناسبات والاعياد .
والجلابة نوعان تختلف حسب الفصول فهنالك:
جلابة خاصة بفصل الصيف تستعمل فيها اثواب القطن الكتان والحريروتكون الوانها فاتحة وزاهية كما ان الثوب المسعمل فيها يكون خفيفا.
وجلابة خاصة بفصل الشتاء ومن مييزاتها انها تكون فضفضة وطويلة ومصنوعة من ثوب غليظ نوعا يقي من شدة البرودة.
كما اننا نجد ان جلابة مكونة من قطعة واحدة ذات تصاميم و طريقة خياطة و تزيين تكون بسيطة و في قمة الأناقة و الإبداع حسب المصمم أو الخياط و الثوب والموضة السائدة و الشي ذاته بالنسبة الجلابة المكونةمن جزئين يلبسان الواحد فوق الآخر وهي مايطلق عليها بالجابدور فالجزء الموجود بالاسفل يسمى التحية ويمكن ارتداء الجلابة بدونه طبعا

و من خلال قيامك بجولة في شوارع ندرومة ، تكشف لك هذه الأخيرة عن واقع مرير ! مع العلم أن هناك " من لا يُدخله ضمن خانة المرارة" واقع يرصد لك ماتتعرض له الجلابة ، رَمز والأصالة، رمز الحشمة والوَقار من إساءة وتشويه .
في نظري وجب للجهات الوصية على حقل الصناعة التقليدية و بتنسيق مع الجهات الوصية على الشأن الديني ببلادنا في مقاربة تشاركية، أن يتخذا من خلالها التدابير اللازمة لإنقاذ الجلابة من الضيق الحاصل لها ! والذي يكشف عن ضيق النفوس أيضا وقَبلها منعُ الفتنة المزروعة التي تَتسبب لذوي النفوس المريضة في مشاكل أكثر.
6:58 ص
الأربعاء، 29 يناير 2014
مدينة ندرومة العتيقة,مدينة العلم والفن و التاريخ...
مدينة ندرومة العتيقة؛ مدينة العلم والفن و التاريخ؛ هي مهد أمير المؤمنين عبد
المؤمن بن علي؛ كانت منذ القدم مأوى شخصيات تاريخية بارزة؛ وكانت الثورة
حقل المجاهدين الأبطال هذه الأرض الأصيلة، الطيبة أنجبت أبناء نجباء، لعبوا
دورا هاما عبر العصور في ميادين السّياسة و الثقافة و الفنون؛ وهم اليوم
يساهمون في تشييد الجزائر الحرة.
مدينة ندرومة هي مسقط رأسنا وموطن أجدادنا الأجلّة الذين برز منهم العلماء والأئمة. وكان والدنا الحاج مصطفى بن موسى الدّرار ــ رحمه الله ــ ذو علم وجاه؛ وكان من وجهاء المدينة ومن مناضليها الأبرار.
ولنا بهذه المدينة الحبيبة روابط الأصل؛ وذكريات الكفاح المجيد؛ حيث كنت مجاهدة في جيش التحرير في نواحي ندرومة في المنطقة الثانية من الولاية الخامسة ؛ وأصبت بجروح سنة 1957 في جبل تاجرة، في بني عابد؛ وكان لي الشرف العظيم أن أرفع علم الجزائر الحرة.
ألقيت خطابا بمناسبة تلك الذكرى الخالدة في مهرجان كله بهجة وسرور. واليوم تسعدني ويشرفني أن أساهم في هذا الملتقى التاريخي الأول حول مدينة ندرومة وضواحيها.
وأتمنى المزيد من البحوث حول هده المدينة العريقة ذات التاريخ المجيد؛ وهي تستحق أن نصفها بهذه الأبيات للأمير عبد القادر، حيث يقول:
لنا في كل مكرمة مجال * ومن فوق السماك لنا رجال
ومن لم يذل في كل عصر * وجال للرجال هم الرجال
ــ موقعها:
تتميز ندرومة بموقع حصين إستراتيجي للدفاع وجميل، توجد هذه المدينة في أقصى غرب الجزائر؛ وهي غير بعيدة عن الحدود المغربية.
أسست في جنوب سفح جبل فلوسن؛ وهي تمتد على أواخر منحدرات هذا الجبل في ارتفاع يتخلل بين 360م-470م
ويعتبر جبل فلوسن أعلى قمم جبل ترارة ؛ حيث يبلغ ارتفاعه 1136م يقابل المدينة البحرالأبيض المتوسط؛ وتبتعد عنه على خط مستقيم بـ 6كلم ، تقع بين وادي ؛ وادي الحمراء من جهة الشرق ؛ ووادي الدمين من جهة الغرب.
وتشرف على سهل مزاوروا الخصيب؛ ويحدها من جهة الغرب سيدي يوشع؛ ويبعد عنها بـ 18كلم.
ومن الجهة الجنوب يحدها جبل فلوسن من الجهة الشرقية مدينة تلمسان التي تبعد عنها بـ 60كل؛ ومن جهة الغرب مدينة مغنية؛ وتقع في شمال الطريق المؤدي من تونس إلى المغرب.
ومنذ القديم: كانت لها علاقات بالمدن الكبرى المجاورة سواء عن طريق البحر و البر.
ومدينة ندرومة قديمة بها أسوار؛ تعود إلى عهد عبد المؤمن بن علي أمير الموحدين. إن نمط هندستها المعمارية؛ يشبه المدن القديمة المعروفة بالجزائر؛ ذات طابع إسلامي؛ لها ساحة وسط المدينة؛ يوجد بها الجامع الكبير؛ و أزقة ضيقة وملتوية؛ وسوق ومنازل عتيقة ذات سطوح.
أهم أحيائها: حيّى بني زيد، التربيعة، بني عفان؛ قناوة؛ وحتى سيدي يحيى؛ وخارج المدينة حي سيدي عبد الرحمن
وأصبحت المدينة تمتد مساحتها طول طريق الغزوات؛ وجبالة وزاوية اليعقوبي؛ ولها أحياء جديدة ذات الأنهج العريضة و الواسعة منها: حيّى بن باديس؛ وحوض الخنزيرة؛ وحيّى داقيوس؛ ومنازلها ذات شكل متناسق ولها مستوى واحد.
وأهم نشاطات المدينة: الصناعة التقليدية؛ التجارية و الفلاحة.
ــ تاريخ تأسيس ندرومة:
تاريخ تأسيس ندرومة غير معروف: هناك آراء مختلفة حول نشأة هذه البلدة
يبقى المشكل المطروح حول بداية ظهور التجمعات الحضرية في هذه المدينة ؛ وظروف الاستقرار العمراني؛ وكل ما يتعلق بالسكان الأصليين الأوائل الذين كانوا يقطنون بهذه المدينة.
لا توجد الوثائق التي ترشد الباحث حول هذا الموضوع؛ ويبقى علم الآثار وحده الذي يكشف الحقيقة؛ ويعطي الجواب لهذه الأسئلة. أن هذه المنطقة تحتوي على مؤهلات؛ وظروف طبيعية لمأوى الإنسان منذ القديم؛ حيث توجد كهوف ومغارات محصنة؛ وجبال وسهول وغابات ونباتات؛ ووفرة المياه؛ ومناخ وموقع جميل؛ وقد أشار ‘ستيفان اقزال ( stephan gsell ) 1 المؤرخ الأثري إلى وجود صفحات صغيرة من الصوان؛ وقطع من الخزف في الكهوف الموجودة على الشاطئ الأيمن لوادي الغزوات.وهناك أسطورة يرويها أهالي البلدة حول قوم أتوا في القديمة إلى هذه الناحية وهيّ تلفت الانتباه
يقال أن قوما من الرحل أتوا في عهد ما قبل التاريخ؛ وقبل تأسيس مدينة ندرومة؛ وصلوا إلى هذه الناحية والتجئوا داخل مأوى كهف يدعى " سطح الكاف " و الكاف هو اسم القوم الذين قدموا إلى هذا المكان فناموا نوما عميقا مدّة طويلة من الزمان داخل الكهف. ولما استيقظوا خرجوا من ملجئهم؛ فوجدوا المدينة متأسسة؛ قائمة أمامهم؛ فاندهشوا لهذه الرؤية فهربوا إلى المغارة من الخوف و التجئوا في أعماقها.
اليعقوبي 2 هو أول من تحدث عن ندرومة في كتاب :" البلدان " الذي ألفه بين سنتي 876م-889م
يرى بأن ندرومة حلت محلّ قرية بربرية، كانت تدعى فلاوسن: فانتقل اسمها إلى حبلها المذكور أعلاه المدعو " فلوسن " : وهي كلمة بربرية مشتملة على كلمتين "أفلا" فوق و"أعلى" و"أوسن" تعني قرية.
ظهر اسم ندرومة ما بين القرنين الثالث و الخامس الهجريين (9 ـــــــ 11م) هو اسم قبيلة بربرية من فرع بطون الكومية الذين هم من بني فاتن بن تمصيت بن ضرس؛ كما ذكر ابن خلدون : أن البكري الذي عاش في القرن الخامس الهجري هو الذي ذكر لأول مرة اسم ندرومة: بسطح جبل عالي يدعى فلوسن؛ وقال: في شمال وغرب البلدة، تمتد سهول خصبة وأراضي مزروعة؛ هي على بعد عشر أميال من البحر هي بلدة عظيمة؛ محاطة بأسوار مسقية بواد على جوانبه بساتين تنتج من الفواكه و الثمار من كل نوع؛ ويربطها بالبحر مجرى وادي ماسين ينتهي إلى مرسى ماسين.
ويصفها الإدريسي 3 الذي عاش في القرن السادس الهجري بأنها مدينة كبيرة عامرة؛ آهلة ذات سوق وسور؛ وموضعها في سند؛ ولها مزارع كثيرة ؛ ولها وادي يجري في شرقها؛ وعليها بساتين جنان عامرة؛ وسقى كثيرة.
وممّن تحدّثوا عن تاريخ ندرومة: " ليون الإفريقي " في القرن 16م و " ومارمول"
" Marmol "- 4 في القرن 17 و "شاو" ( shaw ) 5 في القرن 18م ؛ و"كانال" ( canal ) 6 و" روني باسي" ( René basset ) 7 في القرن العشرين، و" ألفريد بال" ( Alfred bel ) 8 في دائرة المعارف الإسلامية...وغيرهم.
يذكر ليون الإفريقي بأن هذه البلدة شيّدت قديما من طرف الرومان حينما أخضعوا هذا القسم من إفريقيا ؛ و أسسها في موقع واسع محيط بأسوار؛ قرب الجبل، أمام سهل جميل؛ يبعد عن البحر بـ 12 أميال.
يقرأ عند المؤرخين القدامى بأن الرومان أقاموها في هذا المكان بنفس الشكل الذي نراه في روما. لهذا السبب أخذت الاسم ندرومة لأن ند في اللغة الإفريقية يعني يساوي نفس الشيء أو يشابه.← ندرومة مثل روما.
غير أن ليون الإفريقي مخطئ في رأيه: ويؤكد روني باسي بأن هذا التأويل غلط. ويرى ( lowis piesse ) لويس بييس بأن ندرومة هي القلامة الرومانية " la kalama " ؛ وهذا غير صحيح؛ لأن لا أثر يدل على بناء روماني.
ذكر " ماك كارتي " أنها قلامة ؛ وهذا الرأي مخطئ لأن هذه المدينة كانت موجودة على الضفة الشمالية لوادي تافنة في الداموس من ناحية بني مسهل حيث وجدوا بها مدالية...عاصمة سيفاقس( Sigha capital de siphax ) ؛ ولكن هذا التأويل غلط لأن سيقة عثر عليها من طرف علماء الآثار؛ وتوجد في مكان آخر . وهناك تضارب آراء مختلفة يطول ذكرها.
وهكذا البعض يقول يأن مدينة ندرومة مدينة عربية شيدت على أطلال مدينة رومانية. ويختلف البعض الآخر أمثال البكري و الإدريسي ابن خلدون وآغا ندرومة الحاج حمزة بن رحال؛ ويقولون بأن بلدة ندرومة بربرية أسست من طرف الأفارقة؛ ونجد كانال- canal - يميل إلى هذا الرأي؛ و المتفق عليه وكما أكدته روايات السكان الأصليين أن مدينة ندرومة شيدت في سنة 555هـ /1160م من طرف السلطان عبد المؤمن بن علي، أمير الموحدين على أنقاض وخراب مدينة بربرية كبيرة.
لا يعرف تاريخ تأسيسها؛ وأسوارها القديمة تذكر بناء عاصمة قديمة كما ذكر لويس بييس - lowis piesse - و الحاج حمزة بن رحال تاريخ تأسيس مدينة ندرومة؛ ونقل ابنيه محمد بن رحال ابن الحاج حمزة من حيث وثيقة أبيه من العربية إلى الفرنسية؛ وبدورنا ترجمناها إلى الحاج حمزة :" حينما تحدث مؤلف " روض القرطاس
كانت البلاد تدعى بإفريقيا: في العام الثاني؛ بعدما نظم جيشا قويا فتح المغرب الأقصى لتوسيع مملكته التي كانت عظيمة آنذاك. وفي طريقه من وهران إلى تلمسان؛ طلبت منه الجيوش التي كانت تابعة له الرجوع إلى ديارهم، فسمح لهم الأمير عبد المؤمن بذلك؛ ولم يبقى معه إلا ألف رجل من كل قبيلة؛ أبقاهم معه ليعزز ويستمر في فتوحاته، غير أن الجنود ثأروا لأنهم لم ينالوا من قائدهم الجزاء المنتظر منه.
وقع اجتماع سري بين رؤساء الجيش ؛ وقرّروا قتل الأمير تلك الليلة. كان يوجد بينهم رجل وليّ صالح يدعى أحمد البجايي؛ فسمع هذه المؤامرة؛ فأسرع يخبر الأمير على هذه الدسيسة. وطلب منه أن يقوم مقامه لينقد ها الأمير . فأذن له عبد المؤمن أن ينام في الخيمة الملكية؛ وفي الغد وجدت جثة الوليّ مملوءة بالدّم على سرير الأمير؛ فنقل هذا الشهيد على ظهر ناقة؛ ثم تركوها تسير لوحدها إلى أن توقفت في المكان الذي مكثت فيه الناقة؛ أمر السلطان عبد المؤمن أن تتأسس المدينة فيه؛ وهكذا شيدت مدينة ندرومة؛ ويقال أن قبيلة غمارى من سلالة الجنود الأسرى الذين كانوا في القصبة على عهد الموحدين.
والسؤال المطروح هو: هل كان هذا الأمير هو المؤسس الحقيقي لندرومة؟ أم أقامها على أنقاضها ؟
و الأرجح هو الرأي الأخير حسب الحاج حمزة بن رحّال حيث يقول: حينما حفرت الأرض وجدوا بها حقل؛ وجدران؛ وآجور وركام من الحجر يدلّ على وجود مدينة من قبل.
هذه الأسوار الباقية إلى يومنا هذا ترجع إلى عهد عبد المؤمن. أما الحائط إذا كان مبنيا في عهده، لابد أن يبقى قائما ؛ ولطن آثاره اندثرت؛ وهكذا نرى بأن هذا السور كان قديما؛ وكان موجودا قبل قدوم الأمير الموحدي الذي لم يشيد في حقيقة الأمر إلا جانبا من ندرومة ؛ ويؤكد الحاج حمزة قائلا: إذا رأينا سور المدينة القديم؛ فإنه يدل على وجود مدينة كانت أعظم ممّا هي عليه حاليا.
ويذكر أن عبد المؤمن أراد أن يشيد مدينة في ناحية العين الكبيرة التي تبعد بسبع أو ثمان كلم عن ندرومة ؛ فشرع في بناء الأسوار التي هي قائمة لحدّ الآن ؛ غير أنه غيّر رأيه عندما سمع أحد السكان ينطق بكلمة مشئومة وهكذا أسست مدينة ندرومة.
يرى البعض أن كلمة ندرومة كانت تدعى مدينة البطحاء أو فلوسن؛ وهو اسم الجبل الذي يحمل حاليا هذا الاسم. أما معنى كلمة ندرومة يقول البعض أتت من" ضد" رومة أو "ندرومة" بمعنى تشابه روما. غير أن هذا الرأي أهمل لأن ندرومة معناه " نظروا الماء " وهذه العبارة قد نطق بها الفرسان العرب الذين أتوا من تلمسان نحو هذه الناحية؛ ولما رأوا ماء البحر؛ نطقوا بكلمة " أنظروا الماء " التي أصبحت ندرومة. وهكذا من يقول بأن ندرومة تأتي من كلمة بربرية تنظر مت ثم عرّبت: ومعناها: توسيع سهل في سطح الجبل.
أما ابن خلدون، فيذكر بأن مدينة ندرومة أخذت اسم قبيلة ندرومة التي هي من بطن الكومية. أما الكومية الذين يعرفون بصطفورة لهم بطون ثلاث: ندرومة- مغاوة – بنو بلول أحفاظهم كثيرة منهم بنو عابد قوم عبد المؤمن بن عليّ. وكومية يعرفون بسطفورة بنو فاتن ابن تمصيت أو تمزيت ابن دارس بن راهق؛ ابن مادغيس الأبثر.
في عهد الأدارسة في القرن التاسع الميلادي(9م) كانت مدينة تدعى فلوسن، ولم تكن تحمل اسم ندرومة؛ وكانت آنذاك عاصمة النواحي المجاورة لها التي أصبحت تحمل في القرن الخامس باسم ترارة(بمعنى ترارس: الرجال الصناديد الشجعان).
وترارة مجموعة من القبائل الكومية لتلك الناحية؛ يبدوا أن العرب أدخلوا هذه القبائل إلى الإسلام على عهد الأدارسة؛ غير أننا لا نعرف شيئا كيف تعرّبوا هؤلاء البرابرة؛ وكيف تقبلوا الفتح الإسلامي و الدين الإسلامي. ربما كان يوجد بهذه المدينة مركز ديني من الخوارج الصفرية في القرن الثامن الميلادي؛ وأصبحت هذه المدينة حتّى القرن الحادي عشر(11م) تتميز بمكانة مرموقة في ميدان الدين الإسلامي: كان لها أثر على القبائل الكومية
ــ ندرومة في عهد المرابطين في القرنين الخامس و السادس الهجريين):
في سنة 1078م كان يوسف ابن تاشفين أمير قبائل المرابطين وموطد أركان الدولة المرابطية، كان يسعى لتوحيد المغرب العربي تحت سلطة المرابطين، فأرسل جيشا لفتح تلمسان سنة 1079م فقاد بن تاشفين حملة ثانية على تلمسان؛ فدخلها سنة 445هـ.
وفي القرن الخامس و السادس الهجري، نشر المرابطون الإسلام في نواحي ترارة، وانتشرت الثقافة والدراسات الدينية وشيد مسجد مدينة ندرومة في عهد المرابطين.
في سنة 1900م عثر روني باسي- René basset - على لوحة من شجر الأرز كانت جزء من منبر الجامع الكبير
وهي مكتوبة بالخط الكوفي: ونقلها" باسي" إلى متحف الآثار القديمة بالجزائر العاصمة ويصف باسي هذه اللوحة قائلا: ارتفاع هذه اللوحة هو متر وعرضها 0.728.ارتفاع كل سطر 0.054م- 0.065م. وعدّة أسطر انمحت سنة 474هـ /1082م-1081م في عهد يوسف بن تاشفين الذي كان يحكم المغرب الوسط آنذاك.
فهي معاصرة لمنبر سيدي عقبة الذي يعتبر أقدم منبر في الجزائر كيبي على هذه اللوحة ما يلي:
" بسم الله الرحمن الرحيم؛ وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين وسلم تسليما؛ لا إله إلا الله ومحمد رسول الله: إن الدين عند الله الإسلام؛ ومن يبع غير الإسلام دينا؛ فلن يقبل منه؛ وهو في الآخرة من الخاسرين".
هذا مما أنعم له به الأمير السيّد... بن يوسف بن تاشفين أدام الله توفيقه وأجزاء... (و) كان الفراغ منه على يدي الفقيه أبي محمد عبد الله بن سعيد يوم الخميس السابع عشر من شهر...و(والسطران الأخيران ممحوان). وكانت النقود في عهد يوسف بن تاشفين تشتمل على العبارة؛ ومن يبتغي غير الإسلام إلى آخر...
ــ ندرومة في عهد الموحدين(أي في القرنين السادس و السبع هجري):
لمّا وصف الإدريسي مدينة ندرومة في سنة 1134م، ذكر أنها مدينة قديمة وكبيرة؛ لها خصائص العمران المدني.
يذكر التاريخ بأن المؤسس الحقيقي لندرومة هو الأمير عبد المؤمن بن علي أمير الموحدين.
ولد عبد المؤمن بن علي سنة 487هـ- سنة558هـ/(1094 – 1163) بتاجرة قرب ندرومة؛ ولما أصبح أميرا؛ كان يعتمد على قبيلته الكومية؛ وعلى قبائل الناحية لتسيير شؤون الدولة الموحدية.
تعتبر مدينة ندرومة معهد الموحدين؛ وقد عرفت ازدهارا وشأنا آنذاك وكانت تتمتع بنوع من الاستقلال؛ ولم تخضع للهجومات والاضطرابات التي كانت تهددها في سنة 629؛ ذهب يوسف العبد الوادي الذي كان واليا على تلمسان من طرف إدريس المأمون ألموحدي؛وهو عاشر أمراء الموحدين؛ ذهب لضرب الحصار على ندرومة سنة 629هـ- (1231 – 1232م) لأنها رفضت مبايعته؛ ولم تخضع له؛ وقام أحد سكانها المسمى يوسف الغفار التلمساني ورماه بسهم وبحجر من صورها فقتله؛ واستمرت ندرومة متمتعة باستقلالها في تلك الأثناء، إلى أن مال نجم الدولة الموحدية إلى الأفول. فتقلص إثرها نفوذ الموحدين في الوادي؛ وتعرضت ندرومة إلى هجومات وفتن وصراعات مستمرة.
ــ ندرومة في عهد بني مرين من سنة 688هـ إلى 796هـ:
كانت تلمسان هي عاصمة بني عبد الواد وفاس وعاصمة بني مرين. وكلتا الدولتين من قبيلة زناتة، كانت هاتان الدولتان في صراع مستمر؛ ودام النزاع طوال حكم إيموغراسن( 1235م- 1283م).
كان هارون بن موسى رئيس قبيلته؛ الطاغرت بتاونت قرب الغزوات مواليا للسلطان المريني واحتل ندرومة؛ ثم أرجعها يغمراسن إلى نفوذه؛ ثم أخذها من جديد المرييون وأرجعوها إلى مارون بن موسى: ثم أخذها مرة أخرى الملك عبد الوادي من يغمراسن حوالي سنة 667هـ ( 1268 – 1269)
لم تعد إلى الحكم بني مرين إلا في أواخر القرن السابع هجري؛ حيث دخل أبو يعقوب يوسف المريني على تلمسان؛ وأراد قطع كل المواصلات عن هذه المدينة ؛ ودخل إلى ندرومة في شهر رمضان 696هـ جوان 1297م؛ وحاصر ندرومة ؛ هذا بمضي أكثر من شهر؛ ورماها بوابل من الحجارة ليجبرها إلى الخضوع. ولم يقض عليها؛ وفي أوت 1297م تركها وفك الحصار عليها، ثم توجه إلى وهران.
وحين دخوله إلى المغرب، ترك يوسف جيشا تحت قيادة أخيه أبي بكر بن يعقوب؛ فخرب نواحي ندرومة؛ وكان زكريا بن يخلفتن المطغري واليا على ندرومة وتامنت قرب الغزوات؛ كان مواليا لبني مرين؛ فتآمر معهم وسلّم ندرومة إلى أبي يحي المريني؛ وهكذا قدم شيوخ المدينة خضوعهم إلى أبي يعقوب يوسف.
بقيت ندرومة تعاني من اضطهاد بني مرين؛ طيلة اثنتي عشر سنة ودامت هذه المعاملة السيئة إلى سنة 747هـ - 1347م؛ ثم تولى تسيير أمور المدينة، الأمراء الحفصيون: إلى أن احتل أبو الحسن المريني المغرب الأوسط وفي عهد أبي أبي عنان المريني، استرجع أبو سعيد العبد الوادي من أبو ثابت ملكهما بتلمسان؛ وذلك سنة 1348م؛ وفي تلك الفترة ثار ضدهما إبراهيم بن عبد المالك من قبيلة بني عابد؛ غير أن أبا ثابت كان له بالمرصاد؛ واحتل إثر هذا النزاع هنين وندرومة، أبو يوسف يعقوب، أخو سعيد وأبو ثابت من بني عبد الواد؛ واعتزل بهذه المدينة ؛ وعاش بعيدين عن كل نشاط سياسي. وكان معه ابنه أبو حمّو موسى الثاني، مقتفيا سيرة أبيه؛ وتزوج في تلك الأثناء، فولد ولد سنة 752هـ، سمّاه أبى تاشفين؛ وهو أكبر أبناءه، ثم عادت مدينة ندرومة إلى نفوذ بني مرين في تلك الحقبة؛ فأمر أبو عنان المريني أن يعامل أبا يعقوب؛ وابنه معاملة حسنة؛ وبعدئذ أخذهما إلى عاصمته فاس وأكرمهما، ثم عاد بعدئذ إلى تلمسان.
وفي سنة 749هـ/1348م بنيت صومعة المسجد الكبير، منارتها يبلغ طولها 18م؛ وتوجد في أسفله لوحة من المرمر مكتوب عليها ما يلي:
" بسم الله الرحمن الرحيم؛ وصلى الله على سيدنا محمد، بنى هذا الصامع أهل ندرومة بأموالهم وأنفسهم؛ وكل احتساب لله وانبنت في خمسين يوما وسبع هاته – رحمة الله – أجمعين "
من الملاحظ أن أخطاء عديدة توجد بهذا النص( كتبناه كما ورد في الأصل) يرجع تاريخ الصومعة إلى إمارة بني عبد الواد الزيانية. أبي سعيد عثمان الثاني سنة 749هـ/1348م وهو سادس أمرائهم. وإلى عهد إمارة بني مرين؛ أبي عنان فارس المتوكل الحادي عشر من أمراءهم.
ويبدو أن قدوم أبي يعقوب يوسف السلطان، التقي الصوفي إلى مدينة ندرومة كان دافعا وحافزا لبناء هذه الصومعة في أقل من شهرين. و هذه الصومعة كانت للأذان والحراسة والاتصال بجهات أخرى بواسطة الإشارات النازية: ويبلغ عمر الصومعة حاليا ستة قرون وستة وأربعين سنة 646. إن الإنسان يشعر بطمأنينة وسكينة تميل النفس إلى العبادة ؛ والخشوع؛ فيغمرها الألفة لما تجده من بساطة وصفاء تبلغ صفة الكمال وفي القرن التاسع الهجري ظهرت حملة صوفية عمّت البلاد ؛ وانتشرت في ندرومة ونواحيها؛ وبقيت مؤثرة في هذه المدينة إلى عصرنا الحاضر، حيث كان يوجد بها 296 ولي صالح؛ و 9 نساء وليات صالحات وعدّة زوايا ومساجد ومربيون في شتى الطرق الصوفية حسب ما ذكر روني باسي ( René basset ) في سنة 1548 وقعت معاهدة لتوحيد قبائل ترارة تحت إشراف الولي الصالح السيّد اليعقوبي لمحاربة الأسبان. فمنعهم هذا الرجل الشجاع مع جنوده ولم يتمكن الأسبان من احتلال ندرومة ونواحيها. وتوجد هذه الوثيقة في كتاب ــ René basset ــ و الأصل لهذه الوثيقة يوجد بحوزة جمعية الآمال الموحدية بندرومة.( وأتاحوا لنا الفرصة لقراءتها )
وقعت حملتان مغربيتان لإخضاع ندرومة تحت الحكم المغربي: تحت قيادة مولاي محمد الشريف سنة 1651، و الأخرى تحت قيادة سيدي إسماعيل سنة 1875، إلى أن زحف عليها داي الجزائر سنة 1791.
في سنة 1971م سلّم الأسبان الجزائر لداي الجزائر حسّان؛ وفي تلك الأثناء زحف داي الجزائر إلى ندرومة؛ وأخضع سكانها؛ وألزمهم بدفع غرامة سنوية ثقيلة تشمل على مائة قطعة من الكتان القطني. وأوقع الجيش الإنكشاري فتنة وسوء معاملة سكان المدينة؛ كانت توجد فئة مؤيدة للأتراك ؛ وفئة مؤيدة للمغاربة؛ ثم بلغت الغرامة 1000 قطعة من الكتان القطني؛ وحسب ما ذكره الحاج حمزة بن رحّال في تاريخه لندرومة فقد دفعت هذه المدينة الباي على غرامة أخرى عندما عزم على هجوم بني وار سوس؛ وأولاد بني ددوش؛ وقتل عدد كبير من رؤسائهم . وبقيت ندرومة تحت الحكم التركي إلى الاحتلال الفرنسي.
ــ ندرومة في عهد الاحتلال الفرنسي:
لم تتميز فترة ما قبل الاحتلال بحوادث تؤثر على وضعية المدينة. كانت شؤون البلدة مسيرة من طرف جماعة من الشخصيات البارزة، كانت تسهر على أمن المدينة ونظامها، وتستخدم الضرائب للإصلاحات العامة .
ولما بدأت المقاومة الجزائرية ، تحت لواء الأمير عبد القادر ضد الاحتلال الفرنسي وقعت عدّت معارك في هذه النواحي؛ أهمها في سنة 1831؛ وقعت معركة على ضفاف وادي تافنة؛ ضد الماريشال كلوز يل ؛ فقرّر الأمير عبد القادر أن يجعل من ندرومة قاعة من الناحية الغربية ؛ ثمّ أجّل ذلك إلى سنة 1836
وبعد 1836، بعد الاشتباكات التي شنّها الأمير ضدّ....................في شهر جويلية ؛ رجع إلى ندرومة؛ بعد هزيمة السكان، وأقام مقرا لمعالجة الجرحى من جيوشه.
وفي 30 ماي 1837 احترقت معاهدة تافنة بملكية ندرومة للأمير عبد القادر؛ وفي تلك الفترة عيّن الأمير السيّد الحاج حمزة بن رحال كإمام وقاضي بندرومة: وذلك سنة 1155هـ/1839م
وفي 8 مارس 1842، زحفت على ندرومة كتيبة تحت قيادة الجينرال" بيدو" ( Bedeau ) معززة بخيالة دواير مصطفى بن اسماعيل ؛فاستسلمت جماعة من سكان ندرومة.
امتنع الجنرال بيدو من اقتحام المدينة؛ وسلمت المدينة للفرنسيين 12 رهينة حرية؛ 6 منها من ندرومة وأخرى من بني مسهل.
ولكن بني منير لم يدفعوا أيّ رهينة، لأنّ رئيسهم كان قد استلم بتلمسان : ومصطفى بن اسماعيل هو الذي عيّن الرّهائن ; وقد عرض القائد الغماري ، والقاضي حمزة بن رحّال نفيسها بنفيسها ليكونا من عدد الرّهائن . وفي تلك الأثناء أصبحت قيادة ندرومة تحت رئاسة الحاج محمّد النّقّاش وفي سنة1843، عاد الأمير إلى ناحية ندرومة ، وحاصرها ووقع إشتباك بين جيشه والجيش الفرنسي تحت قيادة « Bedeau » في باب تازة قرب ندرومة في الطّريق المؤدّي ألى مغنية : انتهى باحتلال ندرومة من جديد ورجوع ... الفرنسيين إليها. وفي سنة 1844 ، بعد معركة إسلي ، أقامت فرنسا مركزا عسكريا بالغزوات تحت إشراف الكولونيل مونتانياك Montagnac) ( .
وفي سبتمبر1845تكبد مونتانياك خسائر فادحة وهزيمة شنعاء وأعدم جيشه بضريح سيّدي إبراهيم قرب ندرومة ويبعد عنها بـ 18 كلم ، وكان القائد النقّاش وسيطة بين الفرنسيين ورؤساء القبائل الفائزة لنواحي ندرومة ، وبعد معركة سيدي إبراهيم ،عزل من منصبه ، وعاد الحاج حمزة من رحال إلى منصبه السّابق . وقد تأثّرت معركة سيدي إبراهيم.المقاومة ...
وكانت جيوش الأمير عبد القادر تتردّد مرارا
هذه المدينة ونواحيها ، وقد خرجت جيوش ... لمّا توجّه إلى معركة سيدي، إبراهيم سنة1845 م
وفي يوم 24 سبتمبر 1847 ، بعد محاصرة شديدة ، وسدود حميع المنافد على الحدود إستلم الأمير عبد القادر للجنرال قرب ضريح سيدي إبراهيم ، تحت نخلة لازالت قائمة لحد الآن ، وبها لوحة سجل عليها تاريخ الإستلام.
ومن هناك سيق الأمير إلى الغزوات وحمل على متن باخرة المنفى وكان قائد مدينة ندرومة أنداك السيّد الحاج بوزيان الغماري الدي صار صهر الحاج حمزة.
وبعد هده الحوادث ، استمرّت البلدة تسيّر نفسها بواسطة جماعة من أعيان المدينة على شرط أن توافق عليها السّلطات الإستعمارية وبعد ذلك صارت القيادة على يد الحاج الأحسن ... من عرش بني منير ، ثمّ عين آغا ندرومة وترارة ، وتوفي سنة 1858 عند إرسال حملة على بني وفي تلك السّنة خلفه الحاج حمزة بن رحال قائدا على الغزوات : وذلك سنة 1860 م ، 29 رمضان 1276 هــ.
ولم تبقى للجماعة المسيرة للبلدة ، أيّة حرية في تصرّفاتها : حيث أصبحت تحت حكم السّلطات الإستعمارية : وتحت تصرّفاتها . وفي سنة 1880 م ، أصبحت ندرومة بلدية مختلطة ، وأصبح رئيس الجماعة يحل محلّ آغا ومعترف به من طرف السّلطات الفرنسية . كان تحت تصرّف مدينة ندرومة سبعة دواوير بني مير ، بني مسهل ، السّواحلية ، زاوية. من الحوادث التي أقلت الشعب الجزائري ، ومن ضمنه سكان مدينة ندرومة ونواحيها ، قضية التجنيد العسكري الإجباري ، حيث أثار التجنيد الإجباري ضجّة كبيرة ووقعت مظاهر صاخبة يوم الخميس 25 أفريل 1912، وفي ليلة 21 ماي وقعت محاولة قتل قائد عرش جبالة . وقامت ضجّة أخرى يوم الخميس 23 مارس ثار السّكان إثرها ، ونودي للجهاد في سبيل اللّه.
ولمعارضة هذا التجنيد ، هاجر كثير من السّكان إلى الخارج ، وفرّوا إلى الجبال . فقد أثارت هذه القضية مشاعر السّخط في كل أنحاء البلاد (1) ساءت الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية خلال العشرينات والثلاثينات والأربعينات.
وفي سنة 1932 : قام الإمام عبد الحميد بن باديس ، بجولة زار خلالها مدينة ندرومة والمدن المجاورة لها (2)
وقام الشيخ البشير الإبراهيمي بزيارة إلى تلمسلن يوم الخميس من يبتمبر 1949م ، وبات ليلة السّادس منه بندرومة ، ثم عاد إليها يوم 11 سبتمبر 1949م لأفتتاح مدرسة "عبد المؤمن بن علي" التابعة لحركة جمعية العلماء وبهذه المناسبة أقيم مهرجان كلّه بهجة وحماس : واسبشرا الأهالي بهذه المبادرة الطيّبة ، واستقبلت الوفود بجمعية الآمال بحفاوة ، وكان لهذه المدرسة الحرّة الأثر البالغ في تكوين الشباب وتثقيف وتهذيبه وتوعية الجماهير التي أقفلت أبوابها للسّطات الإستعمارية يوم الأربعاء 7 مارس 1956 بأمر من عامل العمالة ، إثر حادثة قتل وقت في ....... تميّزت فترة الخمسينات بظهور نشاط إجتماعي وسياسي وثقافي ، فقامت الحركة الإصلاحية بدور فعّال في المساجد والمدرسة الحرّة .
أحدثت يقظة وتوعية عن طريق التّدريس ، وإلقاء دروس الوعظ والإرشاد وبت الرّوح الوطنية ، وتوجيه الشعب توجيها عربيا إسلاميا وطنيا .وقامت حركة جمعية العلماء الطّرقيّة والإنحراف الدّيني : وأحدثت ضجّة كبيرة لدى الطريقتين المتزمنين الذين أصبحوا من المنبوذين : وكانت عداوة حادة بين الإصلاحيين والطرقيين.
وكان مدير المدرسة الحرة الشيخ عبد الوهاب بن منصور ، من الرواد الدين ساهموا في بعث اليقظة العربية الإسلامية عن طريق التّدريس في المدرسة والمسجد ، فبدأت الأذهان تنفتح ، والعقول تبحث عن غداء جديد في الفكر الإسلامي .
ولعبت الكشّافة الإسلامية دورا بارزا في تعليم الأبناء ، وتكوينهم تكوينا وطنيا . فكانت الجمعية والكشفيّة تعلّم الأناشيد الوطنية الّتي تعرف بالشّخصية الإسلامية ، وتحت عللى التّضحية وحبّ الوطن .
ولاشكّ أن تلك الشبيبة الّتي تعلّمت في المدرسة الحرّة ، وتكونت في الكشافة الإسلامية ، أنها كانت طليعة المجاهدين إبّان الثورة ، وهي من الإطارات الساميين في الحكومة الجزائرية.
وزيادة على الدّور الذي قامت به الحركة الإصلاحية والكشفية ، هناك الهيئات والحركات السياسية التي كان لها الدور الهام في توعية الجماهير ، وبثّ الرّوح النّظالية فيهم ، كانت توجد بالمدينة فرق من حركة إنتصار الحريّات الدّيموقراطية ( M.T.L.D ) وفرّقمن حزب الإتّحاد الدّيموقراطي للبيان الجزائري ( U.D.M.A ) وفئات أخرى من هيئات سياسية مختلفة .
وهكذا دبّ النشاط واليقظة خلال الخمسينات وتتغيّرت الأوضاع الإجتماعية وأصبحت واعية بالأحداث ، تنتظر بفارغ الصّبر إندلاع الثورة التحريرية الكبرى.
ندرومة إبّان الثورة التحريرية:
بعد تجربة النّضال السّياسي ، وبعد مرور مرحلة من النضج السياسي اتّضح للشّعب أنّ الثورة المسلّحة هي الوسيلة الوحيدة لنيل الإستقلال والحريّة . يعتبر قيام الثورة المسلّحة فاصلا تاريخيا هاما بين عهد الإستعباد وعهد الحرية والكرامة .
كانت مدينة ندرومة وقرارها على إستعداد ومهيئة لخوض غمار الثورة التحررية في يوم 15 أكتوبر1953 ، بدأت بوادر العمل الثوري ، حيث صرع حاكم المدينة بضربة عصا إلى الرأس وجرح شرطي وجمركي ، ووفعت مظاهرة ، صاخبة ألقي خلالها القبض على خمسين شخصا ، وذلك في شهر فبراير 1954 ، واستمر النّضال سريّا إلى اندلاع الثورة ، محدثنا عن بداية الكفاح في هذه الناحية ، أحد قادة جيش التحرير بهذه المنطقة وهو الصاغ الأول السي رشيد ، أحمد المستغنيمي ، أدلى بهذه المعلومات خلال الملتقى الأول لتاريخ الثورة.
يقول : وبعد تقسيم المناطق ، جاء الأخ العربي بن مهيدي ، والأخ بو الصوف والحاج بن علة ، ووقع الإتصال وسطرنا معهم خطّة العمل لتكوين خلايا عسكرية وسياسية ، ومن حسن الحظّ وجدنا رجالا في تلك المرحلة تربطنا وإيّاهم روح الثقة والكفاح . وهذه الخلايا توجد بعرش السّواحلية وبني منير وعرش جبالة ، ومسيردة ، مغنية وتلمسان ، وجبال سبدو وبلعبّاس ، وهذه الخلايا يشرف على تدريب أعضائها ، الأخ الزماني الأخضر وحمدون ، وسليمان ، وفرطاس مصطفى ، وبجبال تلمسان كان الأخ يحي ، وفراح وعمي بلحسن وجماعة أخرى من المناضيل : ووقعت بهذه الأعمال وهذه المواقف في أوّل نوفمبر 1954 .
عمليات عديدة في غرب البلاد ... أمّا المناطق التي لم تعلن اإندلاع مع أنّها منظّمة ومهيّأة للعمل غير أنّها تمّ فعل ذلك إمتثالا لأوامر القيادة ولأسباب ضرورية حفاظا على طريق مرور الأسلحة الواردة عن طريق المغرب ، وسهل لنا ذلك إدخال شحنة باخرة من سلاح أتتنا بمرسى كبودياوي بالمغرب في شهر فبراير 1955 ، ولحسن الحظّ كان المجاهدون في إنتظارها وكانت البلاد مهيّأة لإدخالها ، كما وقع عليها التدريب مدّة من الزّمن الإنقضاض على العدوّ. وفي شهر جوان جاءتنا شحنة أخرى في المكان المذكور ، ووقع تقسيمها في جبال ندرومة ، وجبال بلعبّاس ثمّ بعد ذلك وقع الهجوم على العدوّ في 2 أكتوبر 1955 ، حيث هجم المجاهدون على حراية الليل وشن آخرون هجوما على مركز عسكري على بعد خمس كلم
(5 كلم) عن ندرومة عللى جانب الطريق المؤدّي إلى مغنية في المزرعة التي كان جيش الإستعمار مقيما بها وجرت هجومات أخرى على مزارع المعمرين في الأيام الموالية.
وفي شهر أكتوبر 1955 وقعت حملة تفتيّشية واسعة ، في حين سيدي عبد الرّحمن الموجودة في جنوب البلدة : ألقي القبض خلالها على عدّة أشخاص.
في السّابع نوفمبر 1955، جرت معركة بجبل زكري المطل على أراضي جبالة . وفي 19 فبراير 1956 وقعت عمليات ح الصبابنة ، فرّ عدد من الجنود الجزائريين إلى صفوف جيش التحرير، وكبدوا خسائر في العتاد الذي أخدوه وأعطوه إلى المجاهدين.
وفي السابع مارس 1956 ، عند مرور عامل العمالة بمدينة ندرومة. تمّ إلقاء القبض على عدّة شخصيات من جمعية العلماء ، ومن عمالة البلدية الممزوجة وفي يوم الخميس 10 ماي 1956 ، وقعت حملة تفيتشية عبر المدينة ، لم ينجى منها أي ساكن ، وحدثت عمليات للإرهاب والقمع إزاء الأهالي .
وفي الخامس عشر جويلية سنة 1956 ، وقعت معركة أولى بجبل فلاوسن ، واستمرت طيلة يومين ، كما جرت الإشتباكات والأعمال الفجائية في هذه المنطقة الجبلية (أنظر سلسلة المجاهدين في 3 أجزاء).
ووقع إشباك ألزجة في ناحية فلاوسن في أوائل أكتوبر 1956. ويوم الجمعة 30 نوفمبر 1956، تفجّرت قنبلتان في ندرومة بمسكن الربي جزيرة : وبمختبر محمد ميدون قتل إثرها 26 موتى ، وأصيب 10 أشخاص بجروح.
وفي بداية شهر جانفي 1957 : وقعت حملة تفتيشية في كهوف المنطقة ، وتعرّض سكان المدينة ، إثر الإضراب الذي وقع في هذا الشهر عبر أنحاء الجزائر ، تعرّضوا خلال هذا التفتيش إلى الزجر والقمع والسّجن .
وفي يوم الأحد 3 فبراير 1957 تفجرت قنبلتان في البلدة في بيت المعمّر ساهوت Sahut : وأخرى بمحطّة النفط لليهودي ليفي ، عدم بمفعولها وقتلى من اليهود وأصيب عدد بالجروح.
وفي 20 أفريل 1957 ، في العشرين من رمضان ، وقعت معركة فلاوسن تكبّد العدوّ هزيمة شنعاء .
وفي يوم الإثنين 12 أوت 1957 شنّ العدوّ عملية إجرامية أطلق جيوشه من السينغاليين نار شاشاتهم على جموع من النّاس في السّوق وعلى تلاميذ المدرسة وهذه الجريمة : ذهب ضحيتها أكثر من خمسين منهم رجال ونساء وشيوخ صبيان.
لم ينساها سكان ندرومة على مدى الدّهر ، وأصبحت تسمّى الملحمة العظمى بيوم سوق الإثنين بوهران.
بعد هذه الجريمة فترة هدوء ، وبقيت نيران الثورة ملتهبة فيى الجبال ، والقرى ، واستمرّت الإشتباكات في أولاد حسنة بوادي السباع وفي بداية جانفي 1957، في زاوية سيدي بن عمر في فبراير 1957 ، ويوم 2 ماي في أولاد داود ، وفي 3 ماي 1957 في تاجرة ، ببني عابد ، وقد أصبحت على إثرها بجروح خطيرة.
وفي سيدي سوفيان سيدي وارسوس ، يوم 22 جوان 1957 ، وبما أنّ هذه المنطقة ، تمتدّ من الحدود المغربية إلى ولهاصة ، يعتبر موقعها إستراتيجية هامّة جدّا لإنّها معبر للأسلحة والمعدّات ، وبوّابة لكل أنحاء القطر منها يدخل الثوالر إلى الجزائر ويخرجوا إلى المغرب ، ولدى عرفت هذه المنطقة ضغوطا وحصارا شديدا من طرف القواة الإستعمارية.
حيث شهدت إشتباكات دامية عديدة عند محاولة عبور الحدود المفروشة بالألغام، والأسلاك الشائكةالكهربائية التي تسمى بخط موريس ( Morisse ) التي وضعت لعرقلة عبور المجاهدين ، وحصدت هذه الألغام العديد من الثّوار الأبطال ، منهم الصاغ الثاني الحنصلي ورناقة – رحم اللّه الشّهداء الأبرار.
هكذا يبدو لنا أن أبرز خصائص الثورة التحريرية أبعادها الشعبية ؛ فانظم فيها مختلف فئات الشعب من فلاحين وعمال وشباب ونساء وأظم مجاهدي هذه المنطقة من النواحي المجاورة ؛ ومن البلدة أثناء الثورة؛ ومنهم من كان يقطن بالمغرب قبل 1954.
وكانت مشاركة المرأة في النضال مشاركة فعالة؛ حيث استقبل جيش التحرير المرأة المجاهدة بكل فخر واعتزاز؛ وعاملها باحترام وتقدير. وكانت توجد بالمحطة مجاهدة
أما التي تعيش وسط سكان القرى فهي تقوم بمعالجة المدنيين؛ وكانت المجاهدة تؤدي أدوارا إنسانية لتحسين وضع المجتمع الريفي؛ وقد شاركت مثل أخيها المجاهد في الاشتباكات و المعارك؛ واستشهدت في سين الشرف، مثل الشهيدة عويشة الحاج سليمان المدعوة فوزية.
ولعبت المرأة الريفية دورا حاسما أثناء الثورة؛ فهي تتسم بالكرامة والجود والشجاعة والروح الوطنية؛ كانت تقدم تأييدا مستمرا لجيش جبهة التحرير؛ حيث أن الأخبار و الاتصالات و المأوى و التموين كانت تؤديها باستمرار إلى الثوار. واستقبلت المجاهدات بكل ترحيب وبدون كلل أو ملل وتعرضت لقمع العدو الفرنسي وللسجن و التعذيب و التقتيل؛ فما حزنت لرؤية ابنة الشهداء؛ وديارها المخربة، أثبتت صمودها أمام حرب الإبادة وأساليب التعذيب؛ وبقيت تناضل إلى أن انتصرت البلاد من براثن الاستعمار وبقيت مدينة ندرومة مسرحا للنشاط الثوري إلى أن استرجع الشعب الأبي استقلاله وعزته.
ــ الخاتمــــــــة:
نرى مما سبق أن مدينة ندرومة وقراها، ساهمت بقسط وافر في النضال؛ كما ساهمت عبر العصور في حوادث تاريخية معتبرة، عرفت خلالها صراعات واضطرابات؛ وازدهارا وانحطاطا؛ وعاشت في تغيرات منذ القدم إلى يومنا هذا.
إن التطورات التي طرأت على هذه المدينة خلال الاحتلال الفرنسي وبعده في الميادين الاقتصادية و الاجتماعية، كان لها الثر البالغ في اختلال التوازن الذي نتجت عنه تغيرات وتحولات في المحتوى الإنساني ؛ وفي المستوى الاقتصادي لاسيما الصناعة التقليدية؛ والتجارة و الفلاحة التي أصبحت تعاني من انخفاض في الإنتاج ؛ وانخفاض في مستوى المعيشة وهذا راجع إلى انهيار الحرف التقليدية التي يزقون منها.
التوازن من ناحية السكان بصفة عامة؛ لأن موقع هذه المدينة قرب الحدود المغربية؛ وطبيعتها الجبلية؛ جعلتها مسرحا لمعارك عديدة؛ كانت معظم القرى عرضة للتدمير و التخريب؛ وهكذا سجلت مدينة ندرومة منذ 1956 عدّة تحويلات وانتقالات سكانية؛ حيث أن الكثير من العائلات الأصلية ألزمت التخلي عن مدينتها للهجرة إلى المغرب؛ و المدن الجزائرية الكبرى بينما كان سكان البوادي يندفعون أسرابا أسرابا إلى المدينة؛ ودام هذا النزوح الريفي من سنة 1956 ــــ 1960؛ حيث عرفت ندرومة تزايد في السكان بـ 60 % في سنة 1960. كانت المدينة تحتوي على 12501 نسمة حسب إحصائيات الجيش الفرنسي؛ منهم 1073 مغترب في فرنسا.
في خمس سنوات ارتفع عدد السكان إلى 59696 ساكن؛ ونتج عن هذا الضغط، إكتضاض السكان وزيادة كبيرة في كثافة السكان ؛ وانخفاض في مستوى المعيشة؛ حيث تجاوز عدد الوفيات من 234 سنة 1956 إلى 330في سنة 1958 و 375 في سنة 1959. بينما انخفض هذا العدد إلى 253 في سنة 1960؛ وفي هذه السنة نلاحظ نوع الاستقرار؛ وفي سنة 1966؛ بدأت أهالي ندرومة ترجع إلى مسقط رأسها؛ وكثير من سكان البوادي عادوا إلى قراهم. تقريبا أكثر من نصف السكان ليسوا من أصل البلدة؛ وخلفوا العائلات الأصلية المهاجرة. يوجد 40 % الذين هم من أصل ريفي؛ دخلوا إلى المدينة أثناء الهجرة التي وقعت من 1956ـــ 1960؛ منهم 35 % من بني منير؛ و 66 % من حبالة و 36 % من السواحليــــة و 33 % من بني مسهل و 13 % من النواحي المجاورة. وفي سنة 1977 أصبح عدد السكان يبلغ 21176 نسمة؛ وعدد سكان المدينة و حدها 13409 نسمة .
من الملاحظ أن مدينة ندرومة التي تحملت أعباء ثقيلة؛ أثرت سلبا في تطويرها؛ هي اليوم تستعيد قواها ونشاطها؛ وتبذل مجهودات معتبرة لاسترجاع وجهها الحقيقي الذي يتسم بالجمال؛ والألفــــــة و الهدوء و الأصالة العريقة و هكذا يطيب فيها المقام،وتعود الحياة الهنيئة و الرفاهية.
مدينة ندرومة هي مسقط رأسنا وموطن أجدادنا الأجلّة الذين برز منهم العلماء والأئمة. وكان والدنا الحاج مصطفى بن موسى الدّرار ــ رحمه الله ــ ذو علم وجاه؛ وكان من وجهاء المدينة ومن مناضليها الأبرار.
ولنا بهذه المدينة الحبيبة روابط الأصل؛ وذكريات الكفاح المجيد؛ حيث كنت مجاهدة في جيش التحرير في نواحي ندرومة في المنطقة الثانية من الولاية الخامسة ؛ وأصبت بجروح سنة 1957 في جبل تاجرة، في بني عابد؛ وكان لي الشرف العظيم أن أرفع علم الجزائر الحرة.
ألقيت خطابا بمناسبة تلك الذكرى الخالدة في مهرجان كله بهجة وسرور. واليوم تسعدني ويشرفني أن أساهم في هذا الملتقى التاريخي الأول حول مدينة ندرومة وضواحيها.
وأتمنى المزيد من البحوث حول هده المدينة العريقة ذات التاريخ المجيد؛ وهي تستحق أن نصفها بهذه الأبيات للأمير عبد القادر، حيث يقول:
لنا في كل مكرمة مجال * ومن فوق السماك لنا رجال
ومن لم يذل في كل عصر * وجال للرجال هم الرجال
ــ موقعها:
تتميز ندرومة بموقع حصين إستراتيجي للدفاع وجميل، توجد هذه المدينة في أقصى غرب الجزائر؛ وهي غير بعيدة عن الحدود المغربية.
أسست في جنوب سفح جبل فلوسن؛ وهي تمتد على أواخر منحدرات هذا الجبل في ارتفاع يتخلل بين 360م-470م
ويعتبر جبل فلوسن أعلى قمم جبل ترارة ؛ حيث يبلغ ارتفاعه 1136م يقابل المدينة البحرالأبيض المتوسط؛ وتبتعد عنه على خط مستقيم بـ 6كلم ، تقع بين وادي ؛ وادي الحمراء من جهة الشرق ؛ ووادي الدمين من جهة الغرب.
وتشرف على سهل مزاوروا الخصيب؛ ويحدها من جهة الغرب سيدي يوشع؛ ويبعد عنها بـ 18كلم.
ومن الجهة الجنوب يحدها جبل فلوسن من الجهة الشرقية مدينة تلمسان التي تبعد عنها بـ 60كل؛ ومن جهة الغرب مدينة مغنية؛ وتقع في شمال الطريق المؤدي من تونس إلى المغرب.
ومنذ القديم: كانت لها علاقات بالمدن الكبرى المجاورة سواء عن طريق البحر و البر.
ومدينة ندرومة قديمة بها أسوار؛ تعود إلى عهد عبد المؤمن بن علي أمير الموحدين. إن نمط هندستها المعمارية؛ يشبه المدن القديمة المعروفة بالجزائر؛ ذات طابع إسلامي؛ لها ساحة وسط المدينة؛ يوجد بها الجامع الكبير؛ و أزقة ضيقة وملتوية؛ وسوق ومنازل عتيقة ذات سطوح.
أهم أحيائها: حيّى بني زيد، التربيعة، بني عفان؛ قناوة؛ وحتى سيدي يحيى؛ وخارج المدينة حي سيدي عبد الرحمن
وأصبحت المدينة تمتد مساحتها طول طريق الغزوات؛ وجبالة وزاوية اليعقوبي؛ ولها أحياء جديدة ذات الأنهج العريضة و الواسعة منها: حيّى بن باديس؛ وحوض الخنزيرة؛ وحيّى داقيوس؛ ومنازلها ذات شكل متناسق ولها مستوى واحد.
وأهم نشاطات المدينة: الصناعة التقليدية؛ التجارية و الفلاحة.
ــ تاريخ تأسيس ندرومة:
تاريخ تأسيس ندرومة غير معروف: هناك آراء مختلفة حول نشأة هذه البلدة
يبقى المشكل المطروح حول بداية ظهور التجمعات الحضرية في هذه المدينة ؛ وظروف الاستقرار العمراني؛ وكل ما يتعلق بالسكان الأصليين الأوائل الذين كانوا يقطنون بهذه المدينة.
لا توجد الوثائق التي ترشد الباحث حول هذا الموضوع؛ ويبقى علم الآثار وحده الذي يكشف الحقيقة؛ ويعطي الجواب لهذه الأسئلة. أن هذه المنطقة تحتوي على مؤهلات؛ وظروف طبيعية لمأوى الإنسان منذ القديم؛ حيث توجد كهوف ومغارات محصنة؛ وجبال وسهول وغابات ونباتات؛ ووفرة المياه؛ ومناخ وموقع جميل؛ وقد أشار ‘ستيفان اقزال ( stephan gsell ) 1 المؤرخ الأثري إلى وجود صفحات صغيرة من الصوان؛ وقطع من الخزف في الكهوف الموجودة على الشاطئ الأيمن لوادي الغزوات.وهناك أسطورة يرويها أهالي البلدة حول قوم أتوا في القديمة إلى هذه الناحية وهيّ تلفت الانتباه
يقال أن قوما من الرحل أتوا في عهد ما قبل التاريخ؛ وقبل تأسيس مدينة ندرومة؛ وصلوا إلى هذه الناحية والتجئوا داخل مأوى كهف يدعى " سطح الكاف " و الكاف هو اسم القوم الذين قدموا إلى هذا المكان فناموا نوما عميقا مدّة طويلة من الزمان داخل الكهف. ولما استيقظوا خرجوا من ملجئهم؛ فوجدوا المدينة متأسسة؛ قائمة أمامهم؛ فاندهشوا لهذه الرؤية فهربوا إلى المغارة من الخوف و التجئوا في أعماقها.
اليعقوبي 2 هو أول من تحدث عن ندرومة في كتاب :" البلدان " الذي ألفه بين سنتي 876م-889م
يرى بأن ندرومة حلت محلّ قرية بربرية، كانت تدعى فلاوسن: فانتقل اسمها إلى حبلها المذكور أعلاه المدعو " فلوسن " : وهي كلمة بربرية مشتملة على كلمتين "أفلا" فوق و"أعلى" و"أوسن" تعني قرية.
ظهر اسم ندرومة ما بين القرنين الثالث و الخامس الهجريين (9 ـــــــ 11م) هو اسم قبيلة بربرية من فرع بطون الكومية الذين هم من بني فاتن بن تمصيت بن ضرس؛ كما ذكر ابن خلدون : أن البكري الذي عاش في القرن الخامس الهجري هو الذي ذكر لأول مرة اسم ندرومة: بسطح جبل عالي يدعى فلوسن؛ وقال: في شمال وغرب البلدة، تمتد سهول خصبة وأراضي مزروعة؛ هي على بعد عشر أميال من البحر هي بلدة عظيمة؛ محاطة بأسوار مسقية بواد على جوانبه بساتين تنتج من الفواكه و الثمار من كل نوع؛ ويربطها بالبحر مجرى وادي ماسين ينتهي إلى مرسى ماسين.
ويصفها الإدريسي 3 الذي عاش في القرن السادس الهجري بأنها مدينة كبيرة عامرة؛ آهلة ذات سوق وسور؛ وموضعها في سند؛ ولها مزارع كثيرة ؛ ولها وادي يجري في شرقها؛ وعليها بساتين جنان عامرة؛ وسقى كثيرة.
وممّن تحدّثوا عن تاريخ ندرومة: " ليون الإفريقي " في القرن 16م و " ومارمول"
" Marmol "- 4 في القرن 17 و "شاو" ( shaw ) 5 في القرن 18م ؛ و"كانال" ( canal ) 6 و" روني باسي" ( René basset ) 7 في القرن العشرين، و" ألفريد بال" ( Alfred bel ) 8 في دائرة المعارف الإسلامية...وغيرهم.
يذكر ليون الإفريقي بأن هذه البلدة شيّدت قديما من طرف الرومان حينما أخضعوا هذا القسم من إفريقيا ؛ و أسسها في موقع واسع محيط بأسوار؛ قرب الجبل، أمام سهل جميل؛ يبعد عن البحر بـ 12 أميال.
يقرأ عند المؤرخين القدامى بأن الرومان أقاموها في هذا المكان بنفس الشكل الذي نراه في روما. لهذا السبب أخذت الاسم ندرومة لأن ند في اللغة الإفريقية يعني يساوي نفس الشيء أو يشابه.← ندرومة مثل روما.
غير أن ليون الإفريقي مخطئ في رأيه: ويؤكد روني باسي بأن هذا التأويل غلط. ويرى ( lowis piesse ) لويس بييس بأن ندرومة هي القلامة الرومانية " la kalama " ؛ وهذا غير صحيح؛ لأن لا أثر يدل على بناء روماني.
ذكر " ماك كارتي " أنها قلامة ؛ وهذا الرأي مخطئ لأن هذه المدينة كانت موجودة على الضفة الشمالية لوادي تافنة في الداموس من ناحية بني مسهل حيث وجدوا بها مدالية...عاصمة سيفاقس( Sigha capital de siphax ) ؛ ولكن هذا التأويل غلط لأن سيقة عثر عليها من طرف علماء الآثار؛ وتوجد في مكان آخر . وهناك تضارب آراء مختلفة يطول ذكرها.
وهكذا البعض يقول يأن مدينة ندرومة مدينة عربية شيدت على أطلال مدينة رومانية. ويختلف البعض الآخر أمثال البكري و الإدريسي ابن خلدون وآغا ندرومة الحاج حمزة بن رحال؛ ويقولون بأن بلدة ندرومة بربرية أسست من طرف الأفارقة؛ ونجد كانال- canal - يميل إلى هذا الرأي؛ و المتفق عليه وكما أكدته روايات السكان الأصليين أن مدينة ندرومة شيدت في سنة 555هـ /1160م من طرف السلطان عبد المؤمن بن علي، أمير الموحدين على أنقاض وخراب مدينة بربرية كبيرة.
لا يعرف تاريخ تأسيسها؛ وأسوارها القديمة تذكر بناء عاصمة قديمة كما ذكر لويس بييس - lowis piesse - و الحاج حمزة بن رحال تاريخ تأسيس مدينة ندرومة؛ ونقل ابنيه محمد بن رحال ابن الحاج حمزة من حيث وثيقة أبيه من العربية إلى الفرنسية؛ وبدورنا ترجمناها إلى الحاج حمزة :" حينما تحدث مؤلف " روض القرطاس
كانت البلاد تدعى بإفريقيا: في العام الثاني؛ بعدما نظم جيشا قويا فتح المغرب الأقصى لتوسيع مملكته التي كانت عظيمة آنذاك. وفي طريقه من وهران إلى تلمسان؛ طلبت منه الجيوش التي كانت تابعة له الرجوع إلى ديارهم، فسمح لهم الأمير عبد المؤمن بذلك؛ ولم يبقى معه إلا ألف رجل من كل قبيلة؛ أبقاهم معه ليعزز ويستمر في فتوحاته، غير أن الجنود ثأروا لأنهم لم ينالوا من قائدهم الجزاء المنتظر منه.
وقع اجتماع سري بين رؤساء الجيش ؛ وقرّروا قتل الأمير تلك الليلة. كان يوجد بينهم رجل وليّ صالح يدعى أحمد البجايي؛ فسمع هذه المؤامرة؛ فأسرع يخبر الأمير على هذه الدسيسة. وطلب منه أن يقوم مقامه لينقد ها الأمير . فأذن له عبد المؤمن أن ينام في الخيمة الملكية؛ وفي الغد وجدت جثة الوليّ مملوءة بالدّم على سرير الأمير؛ فنقل هذا الشهيد على ظهر ناقة؛ ثم تركوها تسير لوحدها إلى أن توقفت في المكان الذي مكثت فيه الناقة؛ أمر السلطان عبد المؤمن أن تتأسس المدينة فيه؛ وهكذا شيدت مدينة ندرومة؛ ويقال أن قبيلة غمارى من سلالة الجنود الأسرى الذين كانوا في القصبة على عهد الموحدين.
والسؤال المطروح هو: هل كان هذا الأمير هو المؤسس الحقيقي لندرومة؟ أم أقامها على أنقاضها ؟
و الأرجح هو الرأي الأخير حسب الحاج حمزة بن رحّال حيث يقول: حينما حفرت الأرض وجدوا بها حقل؛ وجدران؛ وآجور وركام من الحجر يدلّ على وجود مدينة من قبل.

هذه الأسوار الباقية إلى يومنا هذا ترجع إلى عهد عبد المؤمن. أما الحائط إذا كان مبنيا في عهده، لابد أن يبقى قائما ؛ ولطن آثاره اندثرت؛ وهكذا نرى بأن هذا السور كان قديما؛ وكان موجودا قبل قدوم الأمير الموحدي الذي لم يشيد في حقيقة الأمر إلا جانبا من ندرومة ؛ ويؤكد الحاج حمزة قائلا: إذا رأينا سور المدينة القديم؛ فإنه يدل على وجود مدينة كانت أعظم ممّا هي عليه حاليا.
ويذكر أن عبد المؤمن أراد أن يشيد مدينة في ناحية العين الكبيرة التي تبعد بسبع أو ثمان كلم عن ندرومة ؛ فشرع في بناء الأسوار التي هي قائمة لحدّ الآن ؛ غير أنه غيّر رأيه عندما سمع أحد السكان ينطق بكلمة مشئومة وهكذا أسست مدينة ندرومة.
يرى البعض أن كلمة ندرومة كانت تدعى مدينة البطحاء أو فلوسن؛ وهو اسم الجبل الذي يحمل حاليا هذا الاسم. أما معنى كلمة ندرومة يقول البعض أتت من" ضد" رومة أو "ندرومة" بمعنى تشابه روما. غير أن هذا الرأي أهمل لأن ندرومة معناه " نظروا الماء " وهذه العبارة قد نطق بها الفرسان العرب الذين أتوا من تلمسان نحو هذه الناحية؛ ولما رأوا ماء البحر؛ نطقوا بكلمة " أنظروا الماء " التي أصبحت ندرومة. وهكذا من يقول بأن ندرومة تأتي من كلمة بربرية تنظر مت ثم عرّبت: ومعناها: توسيع سهل في سطح الجبل.
أما ابن خلدون، فيذكر بأن مدينة ندرومة أخذت اسم قبيلة ندرومة التي هي من بطن الكومية. أما الكومية الذين يعرفون بصطفورة لهم بطون ثلاث: ندرومة- مغاوة – بنو بلول أحفاظهم كثيرة منهم بنو عابد قوم عبد المؤمن بن عليّ. وكومية يعرفون بسطفورة بنو فاتن ابن تمصيت أو تمزيت ابن دارس بن راهق؛ ابن مادغيس الأبثر.
في عهد الأدارسة في القرن التاسع الميلادي(9م) كانت مدينة تدعى فلوسن، ولم تكن تحمل اسم ندرومة؛ وكانت آنذاك عاصمة النواحي المجاورة لها التي أصبحت تحمل في القرن الخامس باسم ترارة(بمعنى ترارس: الرجال الصناديد الشجعان).
وترارة مجموعة من القبائل الكومية لتلك الناحية؛ يبدوا أن العرب أدخلوا هذه القبائل إلى الإسلام على عهد الأدارسة؛ غير أننا لا نعرف شيئا كيف تعرّبوا هؤلاء البرابرة؛ وكيف تقبلوا الفتح الإسلامي و الدين الإسلامي. ربما كان يوجد بهذه المدينة مركز ديني من الخوارج الصفرية في القرن الثامن الميلادي؛ وأصبحت هذه المدينة حتّى القرن الحادي عشر(11م) تتميز بمكانة مرموقة في ميدان الدين الإسلامي: كان لها أثر على القبائل الكومية
ــ ندرومة في عهد المرابطين في القرنين الخامس و السادس الهجريين):
في سنة 1078م كان يوسف ابن تاشفين أمير قبائل المرابطين وموطد أركان الدولة المرابطية، كان يسعى لتوحيد المغرب العربي تحت سلطة المرابطين، فأرسل جيشا لفتح تلمسان سنة 1079م فقاد بن تاشفين حملة ثانية على تلمسان؛ فدخلها سنة 445هـ.
وفي القرن الخامس و السادس الهجري، نشر المرابطون الإسلام في نواحي ترارة، وانتشرت الثقافة والدراسات الدينية وشيد مسجد مدينة ندرومة في عهد المرابطين.
في سنة 1900م عثر روني باسي- René basset - على لوحة من شجر الأرز كانت جزء من منبر الجامع الكبير
وهي مكتوبة بالخط الكوفي: ونقلها" باسي" إلى متحف الآثار القديمة بالجزائر العاصمة ويصف باسي هذه اللوحة قائلا: ارتفاع هذه اللوحة هو متر وعرضها 0.728.ارتفاع كل سطر 0.054م- 0.065م. وعدّة أسطر انمحت سنة 474هـ /1082م-1081م في عهد يوسف بن تاشفين الذي كان يحكم المغرب الوسط آنذاك.

فهي معاصرة لمنبر سيدي عقبة الذي يعتبر أقدم منبر في الجزائر كيبي على هذه اللوحة ما يلي:
" بسم الله الرحمن الرحيم؛ وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين وسلم تسليما؛ لا إله إلا الله ومحمد رسول الله: إن الدين عند الله الإسلام؛ ومن يبع غير الإسلام دينا؛ فلن يقبل منه؛ وهو في الآخرة من الخاسرين".
هذا مما أنعم له به الأمير السيّد... بن يوسف بن تاشفين أدام الله توفيقه وأجزاء... (و) كان الفراغ منه على يدي الفقيه أبي محمد عبد الله بن سعيد يوم الخميس السابع عشر من شهر...و(والسطران الأخيران ممحوان). وكانت النقود في عهد يوسف بن تاشفين تشتمل على العبارة؛ ومن يبتغي غير الإسلام إلى آخر...
ــ ندرومة في عهد الموحدين(أي في القرنين السادس و السبع هجري):
لمّا وصف الإدريسي مدينة ندرومة في سنة 1134م، ذكر أنها مدينة قديمة وكبيرة؛ لها خصائص العمران المدني.
يذكر التاريخ بأن المؤسس الحقيقي لندرومة هو الأمير عبد المؤمن بن علي أمير الموحدين.
ولد عبد المؤمن بن علي سنة 487هـ- سنة558هـ/(1094 – 1163) بتاجرة قرب ندرومة؛ ولما أصبح أميرا؛ كان يعتمد على قبيلته الكومية؛ وعلى قبائل الناحية لتسيير شؤون الدولة الموحدية.
تعتبر مدينة ندرومة معهد الموحدين؛ وقد عرفت ازدهارا وشأنا آنذاك وكانت تتمتع بنوع من الاستقلال؛ ولم تخضع للهجومات والاضطرابات التي كانت تهددها في سنة 629؛ ذهب يوسف العبد الوادي الذي كان واليا على تلمسان من طرف إدريس المأمون ألموحدي؛وهو عاشر أمراء الموحدين؛ ذهب لضرب الحصار على ندرومة سنة 629هـ- (1231 – 1232م) لأنها رفضت مبايعته؛ ولم تخضع له؛ وقام أحد سكانها المسمى يوسف الغفار التلمساني ورماه بسهم وبحجر من صورها فقتله؛ واستمرت ندرومة متمتعة باستقلالها في تلك الأثناء، إلى أن مال نجم الدولة الموحدية إلى الأفول. فتقلص إثرها نفوذ الموحدين في الوادي؛ وتعرضت ندرومة إلى هجومات وفتن وصراعات مستمرة.
ــ ندرومة في عهد بني مرين من سنة 688هـ إلى 796هـ:
كانت تلمسان هي عاصمة بني عبد الواد وفاس وعاصمة بني مرين. وكلتا الدولتين من قبيلة زناتة، كانت هاتان الدولتان في صراع مستمر؛ ودام النزاع طوال حكم إيموغراسن( 1235م- 1283م).
كان هارون بن موسى رئيس قبيلته؛ الطاغرت بتاونت قرب الغزوات مواليا للسلطان المريني واحتل ندرومة؛ ثم أرجعها يغمراسن إلى نفوذه؛ ثم أخذها من جديد المرييون وأرجعوها إلى مارون بن موسى: ثم أخذها مرة أخرى الملك عبد الوادي من يغمراسن حوالي سنة 667هـ ( 1268 – 1269)
لم تعد إلى الحكم بني مرين إلا في أواخر القرن السابع هجري؛ حيث دخل أبو يعقوب يوسف المريني على تلمسان؛ وأراد قطع كل المواصلات عن هذه المدينة ؛ ودخل إلى ندرومة في شهر رمضان 696هـ جوان 1297م؛ وحاصر ندرومة ؛ هذا بمضي أكثر من شهر؛ ورماها بوابل من الحجارة ليجبرها إلى الخضوع. ولم يقض عليها؛ وفي أوت 1297م تركها وفك الحصار عليها، ثم توجه إلى وهران.
وحين دخوله إلى المغرب، ترك يوسف جيشا تحت قيادة أخيه أبي بكر بن يعقوب؛ فخرب نواحي ندرومة؛ وكان زكريا بن يخلفتن المطغري واليا على ندرومة وتامنت قرب الغزوات؛ كان مواليا لبني مرين؛ فتآمر معهم وسلّم ندرومة إلى أبي يحي المريني؛ وهكذا قدم شيوخ المدينة خضوعهم إلى أبي يعقوب يوسف.
بقيت ندرومة تعاني من اضطهاد بني مرين؛ طيلة اثنتي عشر سنة ودامت هذه المعاملة السيئة إلى سنة 747هـ - 1347م؛ ثم تولى تسيير أمور المدينة، الأمراء الحفصيون: إلى أن احتل أبو الحسن المريني المغرب الأوسط وفي عهد أبي أبي عنان المريني، استرجع أبو سعيد العبد الوادي من أبو ثابت ملكهما بتلمسان؛ وذلك سنة 1348م؛ وفي تلك الفترة ثار ضدهما إبراهيم بن عبد المالك من قبيلة بني عابد؛ غير أن أبا ثابت كان له بالمرصاد؛ واحتل إثر هذا النزاع هنين وندرومة، أبو يوسف يعقوب، أخو سعيد وأبو ثابت من بني عبد الواد؛ واعتزل بهذه المدينة ؛ وعاش بعيدين عن كل نشاط سياسي. وكان معه ابنه أبو حمّو موسى الثاني، مقتفيا سيرة أبيه؛ وتزوج في تلك الأثناء، فولد ولد سنة 752هـ، سمّاه أبى تاشفين؛ وهو أكبر أبناءه، ثم عادت مدينة ندرومة إلى نفوذ بني مرين في تلك الحقبة؛ فأمر أبو عنان المريني أن يعامل أبا يعقوب؛ وابنه معاملة حسنة؛ وبعدئذ أخذهما إلى عاصمته فاس وأكرمهما، ثم عاد بعدئذ إلى تلمسان.
وفي سنة 749هـ/1348م بنيت صومعة المسجد الكبير، منارتها يبلغ طولها 18م؛ وتوجد في أسفله لوحة من المرمر مكتوب عليها ما يلي:
" بسم الله الرحمن الرحيم؛ وصلى الله على سيدنا محمد، بنى هذا الصامع أهل ندرومة بأموالهم وأنفسهم؛ وكل احتساب لله وانبنت في خمسين يوما وسبع هاته – رحمة الله – أجمعين "
من الملاحظ أن أخطاء عديدة توجد بهذا النص( كتبناه كما ورد في الأصل) يرجع تاريخ الصومعة إلى إمارة بني عبد الواد الزيانية. أبي سعيد عثمان الثاني سنة 749هـ/1348م وهو سادس أمرائهم. وإلى عهد إمارة بني مرين؛ أبي عنان فارس المتوكل الحادي عشر من أمراءهم.
ويبدو أن قدوم أبي يعقوب يوسف السلطان، التقي الصوفي إلى مدينة ندرومة كان دافعا وحافزا لبناء هذه الصومعة في أقل من شهرين. و هذه الصومعة كانت للأذان والحراسة والاتصال بجهات أخرى بواسطة الإشارات النازية: ويبلغ عمر الصومعة حاليا ستة قرون وستة وأربعين سنة 646. إن الإنسان يشعر بطمأنينة وسكينة تميل النفس إلى العبادة ؛ والخشوع؛ فيغمرها الألفة لما تجده من بساطة وصفاء تبلغ صفة الكمال وفي القرن التاسع الهجري ظهرت حملة صوفية عمّت البلاد ؛ وانتشرت في ندرومة ونواحيها؛ وبقيت مؤثرة في هذه المدينة إلى عصرنا الحاضر، حيث كان يوجد بها 296 ولي صالح؛ و 9 نساء وليات صالحات وعدّة زوايا ومساجد ومربيون في شتى الطرق الصوفية حسب ما ذكر روني باسي ( René basset ) في سنة 1548 وقعت معاهدة لتوحيد قبائل ترارة تحت إشراف الولي الصالح السيّد اليعقوبي لمحاربة الأسبان. فمنعهم هذا الرجل الشجاع مع جنوده ولم يتمكن الأسبان من احتلال ندرومة ونواحيها. وتوجد هذه الوثيقة في كتاب ــ René basset ــ و الأصل لهذه الوثيقة يوجد بحوزة جمعية الآمال الموحدية بندرومة.( وأتاحوا لنا الفرصة لقراءتها )
وقعت حملتان مغربيتان لإخضاع ندرومة تحت الحكم المغربي: تحت قيادة مولاي محمد الشريف سنة 1651، و الأخرى تحت قيادة سيدي إسماعيل سنة 1875، إلى أن زحف عليها داي الجزائر سنة 1791.
في سنة 1971م سلّم الأسبان الجزائر لداي الجزائر حسّان؛ وفي تلك الأثناء زحف داي الجزائر إلى ندرومة؛ وأخضع سكانها؛ وألزمهم بدفع غرامة سنوية ثقيلة تشمل على مائة قطعة من الكتان القطني. وأوقع الجيش الإنكشاري فتنة وسوء معاملة سكان المدينة؛ كانت توجد فئة مؤيدة للأتراك ؛ وفئة مؤيدة للمغاربة؛ ثم بلغت الغرامة 1000 قطعة من الكتان القطني؛ وحسب ما ذكره الحاج حمزة بن رحّال في تاريخه لندرومة فقد دفعت هذه المدينة الباي على غرامة أخرى عندما عزم على هجوم بني وار سوس؛ وأولاد بني ددوش؛ وقتل عدد كبير من رؤسائهم . وبقيت ندرومة تحت الحكم التركي إلى الاحتلال الفرنسي.
ــ ندرومة في عهد الاحتلال الفرنسي:
لم تتميز فترة ما قبل الاحتلال بحوادث تؤثر على وضعية المدينة. كانت شؤون البلدة مسيرة من طرف جماعة من الشخصيات البارزة، كانت تسهر على أمن المدينة ونظامها، وتستخدم الضرائب للإصلاحات العامة .
ولما بدأت المقاومة الجزائرية ، تحت لواء الأمير عبد القادر ضد الاحتلال الفرنسي وقعت عدّت معارك في هذه النواحي؛ أهمها في سنة 1831؛ وقعت معركة على ضفاف وادي تافنة؛ ضد الماريشال كلوز يل ؛ فقرّر الأمير عبد القادر أن يجعل من ندرومة قاعة من الناحية الغربية ؛ ثمّ أجّل ذلك إلى سنة 1836
وبعد 1836، بعد الاشتباكات التي شنّها الأمير ضدّ....................في شهر جويلية ؛ رجع إلى ندرومة؛ بعد هزيمة السكان، وأقام مقرا لمعالجة الجرحى من جيوشه.
وفي 30 ماي 1837 احترقت معاهدة تافنة بملكية ندرومة للأمير عبد القادر؛ وفي تلك الفترة عيّن الأمير السيّد الحاج حمزة بن رحال كإمام وقاضي بندرومة: وذلك سنة 1155هـ/1839م
وفي 8 مارس 1842، زحفت على ندرومة كتيبة تحت قيادة الجينرال" بيدو" ( Bedeau ) معززة بخيالة دواير مصطفى بن اسماعيل ؛فاستسلمت جماعة من سكان ندرومة.

امتنع الجنرال بيدو من اقتحام المدينة؛ وسلمت المدينة للفرنسيين 12 رهينة حرية؛ 6 منها من ندرومة وأخرى من بني مسهل.
ولكن بني منير لم يدفعوا أيّ رهينة، لأنّ رئيسهم كان قد استلم بتلمسان : ومصطفى بن اسماعيل هو الذي عيّن الرّهائن ; وقد عرض القائد الغماري ، والقاضي حمزة بن رحّال نفيسها بنفيسها ليكونا من عدد الرّهائن . وفي تلك الأثناء أصبحت قيادة ندرومة تحت رئاسة الحاج محمّد النّقّاش وفي سنة1843، عاد الأمير إلى ناحية ندرومة ، وحاصرها ووقع إشتباك بين جيشه والجيش الفرنسي تحت قيادة « Bedeau » في باب تازة قرب ندرومة في الطّريق المؤدّي ألى مغنية : انتهى باحتلال ندرومة من جديد ورجوع ... الفرنسيين إليها. وفي سنة 1844 ، بعد معركة إسلي ، أقامت فرنسا مركزا عسكريا بالغزوات تحت إشراف الكولونيل مونتانياك Montagnac) ( .
وفي سبتمبر1845تكبد مونتانياك خسائر فادحة وهزيمة شنعاء وأعدم جيشه بضريح سيّدي إبراهيم قرب ندرومة ويبعد عنها بـ 18 كلم ، وكان القائد النقّاش وسيطة بين الفرنسيين ورؤساء القبائل الفائزة لنواحي ندرومة ، وبعد معركة سيدي إبراهيم ،عزل من منصبه ، وعاد الحاج حمزة من رحال إلى منصبه السّابق . وقد تأثّرت معركة سيدي إبراهيم.المقاومة ...
وكانت جيوش الأمير عبد القادر تتردّد مرارا
هذه المدينة ونواحيها ، وقد خرجت جيوش ... لمّا توجّه إلى معركة سيدي، إبراهيم سنة1845 م
وفي يوم 24 سبتمبر 1847 ، بعد محاصرة شديدة ، وسدود حميع المنافد على الحدود إستلم الأمير عبد القادر للجنرال قرب ضريح سيدي إبراهيم ، تحت نخلة لازالت قائمة لحد الآن ، وبها لوحة سجل عليها تاريخ الإستلام.
ومن هناك سيق الأمير إلى الغزوات وحمل على متن باخرة المنفى وكان قائد مدينة ندرومة أنداك السيّد الحاج بوزيان الغماري الدي صار صهر الحاج حمزة.
وبعد هده الحوادث ، استمرّت البلدة تسيّر نفسها بواسطة جماعة من أعيان المدينة على شرط أن توافق عليها السّلطات الإستعمارية وبعد ذلك صارت القيادة على يد الحاج الأحسن ... من عرش بني منير ، ثمّ عين آغا ندرومة وترارة ، وتوفي سنة 1858 عند إرسال حملة على بني وفي تلك السّنة خلفه الحاج حمزة بن رحال قائدا على الغزوات : وذلك سنة 1860 م ، 29 رمضان 1276 هــ.
ولم تبقى للجماعة المسيرة للبلدة ، أيّة حرية في تصرّفاتها : حيث أصبحت تحت حكم السّلطات الإستعمارية : وتحت تصرّفاتها . وفي سنة 1880 م ، أصبحت ندرومة بلدية مختلطة ، وأصبح رئيس الجماعة يحل محلّ آغا ومعترف به من طرف السّلطات الفرنسية . كان تحت تصرّف مدينة ندرومة سبعة دواوير بني مير ، بني مسهل ، السّواحلية ، زاوية. من الحوادث التي أقلت الشعب الجزائري ، ومن ضمنه سكان مدينة ندرومة ونواحيها ، قضية التجنيد العسكري الإجباري ، حيث أثار التجنيد الإجباري ضجّة كبيرة ووقعت مظاهر صاخبة يوم الخميس 25 أفريل 1912، وفي ليلة 21 ماي وقعت محاولة قتل قائد عرش جبالة . وقامت ضجّة أخرى يوم الخميس 23 مارس ثار السّكان إثرها ، ونودي للجهاد في سبيل اللّه.
ولمعارضة هذا التجنيد ، هاجر كثير من السّكان إلى الخارج ، وفرّوا إلى الجبال . فقد أثارت هذه القضية مشاعر السّخط في كل أنحاء البلاد (1) ساءت الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية خلال العشرينات والثلاثينات والأربعينات.
وفي سنة 1932 : قام الإمام عبد الحميد بن باديس ، بجولة زار خلالها مدينة ندرومة والمدن المجاورة لها (2)
وقام الشيخ البشير الإبراهيمي بزيارة إلى تلمسلن يوم الخميس من يبتمبر 1949م ، وبات ليلة السّادس منه بندرومة ، ثم عاد إليها يوم 11 سبتمبر 1949م لأفتتاح مدرسة "عبد المؤمن بن علي" التابعة لحركة جمعية العلماء وبهذه المناسبة أقيم مهرجان كلّه بهجة وحماس : واسبشرا الأهالي بهذه المبادرة الطيّبة ، واستقبلت الوفود بجمعية الآمال بحفاوة ، وكان لهذه المدرسة الحرّة الأثر البالغ في تكوين الشباب وتثقيف وتهذيبه وتوعية الجماهير التي أقفلت أبوابها للسّطات الإستعمارية يوم الأربعاء 7 مارس 1956 بأمر من عامل العمالة ، إثر حادثة قتل وقت في ....... تميّزت فترة الخمسينات بظهور نشاط إجتماعي وسياسي وثقافي ، فقامت الحركة الإصلاحية بدور فعّال في المساجد والمدرسة الحرّة .
أحدثت يقظة وتوعية عن طريق التّدريس ، وإلقاء دروس الوعظ والإرشاد وبت الرّوح الوطنية ، وتوجيه الشعب توجيها عربيا إسلاميا وطنيا .وقامت حركة جمعية العلماء الطّرقيّة والإنحراف الدّيني : وأحدثت ضجّة كبيرة لدى الطريقتين المتزمنين الذين أصبحوا من المنبوذين : وكانت عداوة حادة بين الإصلاحيين والطرقيين.
وكان مدير المدرسة الحرة الشيخ عبد الوهاب بن منصور ، من الرواد الدين ساهموا في بعث اليقظة العربية الإسلامية عن طريق التّدريس في المدرسة والمسجد ، فبدأت الأذهان تنفتح ، والعقول تبحث عن غداء جديد في الفكر الإسلامي .
ولعبت الكشّافة الإسلامية دورا بارزا في تعليم الأبناء ، وتكوينهم تكوينا وطنيا . فكانت الجمعية والكشفيّة تعلّم الأناشيد الوطنية الّتي تعرف بالشّخصية الإسلامية ، وتحت عللى التّضحية وحبّ الوطن .
ولاشكّ أن تلك الشبيبة الّتي تعلّمت في المدرسة الحرّة ، وتكونت في الكشافة الإسلامية ، أنها كانت طليعة المجاهدين إبّان الثورة ، وهي من الإطارات الساميين في الحكومة الجزائرية.
وزيادة على الدّور الذي قامت به الحركة الإصلاحية والكشفية ، هناك الهيئات والحركات السياسية التي كان لها الدور الهام في توعية الجماهير ، وبثّ الرّوح النّظالية فيهم ، كانت توجد بالمدينة فرق من حركة إنتصار الحريّات الدّيموقراطية ( M.T.L.D ) وفرّقمن حزب الإتّحاد الدّيموقراطي للبيان الجزائري ( U.D.M.A ) وفئات أخرى من هيئات سياسية مختلفة .
وهكذا دبّ النشاط واليقظة خلال الخمسينات وتتغيّرت الأوضاع الإجتماعية وأصبحت واعية بالأحداث ، تنتظر بفارغ الصّبر إندلاع الثورة التحريرية الكبرى.
ندرومة إبّان الثورة التحريرية:
بعد تجربة النّضال السّياسي ، وبعد مرور مرحلة من النضج السياسي اتّضح للشّعب أنّ الثورة المسلّحة هي الوسيلة الوحيدة لنيل الإستقلال والحريّة . يعتبر قيام الثورة المسلّحة فاصلا تاريخيا هاما بين عهد الإستعباد وعهد الحرية والكرامة .
كانت مدينة ندرومة وقرارها على إستعداد ومهيئة لخوض غمار الثورة التحررية في يوم 15 أكتوبر1953 ، بدأت بوادر العمل الثوري ، حيث صرع حاكم المدينة بضربة عصا إلى الرأس وجرح شرطي وجمركي ، ووفعت مظاهرة ، صاخبة ألقي خلالها القبض على خمسين شخصا ، وذلك في شهر فبراير 1954 ، واستمر النّضال سريّا إلى اندلاع الثورة ، محدثنا عن بداية الكفاح في هذه الناحية ، أحد قادة جيش التحرير بهذه المنطقة وهو الصاغ الأول السي رشيد ، أحمد المستغنيمي ، أدلى بهذه المعلومات خلال الملتقى الأول لتاريخ الثورة.
يقول : وبعد تقسيم المناطق ، جاء الأخ العربي بن مهيدي ، والأخ بو الصوف والحاج بن علة ، ووقع الإتصال وسطرنا معهم خطّة العمل لتكوين خلايا عسكرية وسياسية ، ومن حسن الحظّ وجدنا رجالا في تلك المرحلة تربطنا وإيّاهم روح الثقة والكفاح . وهذه الخلايا توجد بعرش السّواحلية وبني منير وعرش جبالة ، ومسيردة ، مغنية وتلمسان ، وجبال سبدو وبلعبّاس ، وهذه الخلايا يشرف على تدريب أعضائها ، الأخ الزماني الأخضر وحمدون ، وسليمان ، وفرطاس مصطفى ، وبجبال تلمسان كان الأخ يحي ، وفراح وعمي بلحسن وجماعة أخرى من المناضيل : ووقعت بهذه الأعمال وهذه المواقف في أوّل نوفمبر 1954 .
عمليات عديدة في غرب البلاد ... أمّا المناطق التي لم تعلن اإندلاع مع أنّها منظّمة ومهيّأة للعمل غير أنّها تمّ فعل ذلك إمتثالا لأوامر القيادة ولأسباب ضرورية حفاظا على طريق مرور الأسلحة الواردة عن طريق المغرب ، وسهل لنا ذلك إدخال شحنة باخرة من سلاح أتتنا بمرسى كبودياوي بالمغرب في شهر فبراير 1955 ، ولحسن الحظّ كان المجاهدون في إنتظارها وكانت البلاد مهيّأة لإدخالها ، كما وقع عليها التدريب مدّة من الزّمن الإنقضاض على العدوّ. وفي شهر جوان جاءتنا شحنة أخرى في المكان المذكور ، ووقع تقسيمها في جبال ندرومة ، وجبال بلعبّاس ثمّ بعد ذلك وقع الهجوم على العدوّ في 2 أكتوبر 1955 ، حيث هجم المجاهدون على حراية الليل وشن آخرون هجوما على مركز عسكري على بعد خمس كلم
(5 كلم) عن ندرومة عللى جانب الطريق المؤدّي إلى مغنية في المزرعة التي كان جيش الإستعمار مقيما بها وجرت هجومات أخرى على مزارع المعمرين في الأيام الموالية.
وفي شهر أكتوبر 1955 وقعت حملة تفتيّشية واسعة ، في حين سيدي عبد الرّحمن الموجودة في جنوب البلدة : ألقي القبض خلالها على عدّة أشخاص.
في السّابع نوفمبر 1955، جرت معركة بجبل زكري المطل على أراضي جبالة . وفي 19 فبراير 1956 وقعت عمليات ح الصبابنة ، فرّ عدد من الجنود الجزائريين إلى صفوف جيش التحرير، وكبدوا خسائر في العتاد الذي أخدوه وأعطوه إلى المجاهدين.
وفي السابع مارس 1956 ، عند مرور عامل العمالة بمدينة ندرومة. تمّ إلقاء القبض على عدّة شخصيات من جمعية العلماء ، ومن عمالة البلدية الممزوجة وفي يوم الخميس 10 ماي 1956 ، وقعت حملة تفيتشية عبر المدينة ، لم ينجى منها أي ساكن ، وحدثت عمليات للإرهاب والقمع إزاء الأهالي .

وفي الخامس عشر جويلية سنة 1956 ، وقعت معركة أولى بجبل فلاوسن ، واستمرت طيلة يومين ، كما جرت الإشتباكات والأعمال الفجائية في هذه المنطقة الجبلية (أنظر سلسلة المجاهدين في 3 أجزاء).
ووقع إشباك ألزجة في ناحية فلاوسن في أوائل أكتوبر 1956. ويوم الجمعة 30 نوفمبر 1956، تفجّرت قنبلتان في ندرومة بمسكن الربي جزيرة : وبمختبر محمد ميدون قتل إثرها 26 موتى ، وأصيب 10 أشخاص بجروح.
وفي بداية شهر جانفي 1957 : وقعت حملة تفتيشية في كهوف المنطقة ، وتعرّض سكان المدينة ، إثر الإضراب الذي وقع في هذا الشهر عبر أنحاء الجزائر ، تعرّضوا خلال هذا التفتيش إلى الزجر والقمع والسّجن .
وفي يوم الأحد 3 فبراير 1957 تفجرت قنبلتان في البلدة في بيت المعمّر ساهوت Sahut : وأخرى بمحطّة النفط لليهودي ليفي ، عدم بمفعولها وقتلى من اليهود وأصيب عدد بالجروح.
وفي 20 أفريل 1957 ، في العشرين من رمضان ، وقعت معركة فلاوسن تكبّد العدوّ هزيمة شنعاء .
وفي يوم الإثنين 12 أوت 1957 شنّ العدوّ عملية إجرامية أطلق جيوشه من السينغاليين نار شاشاتهم على جموع من النّاس في السّوق وعلى تلاميذ المدرسة وهذه الجريمة : ذهب ضحيتها أكثر من خمسين منهم رجال ونساء وشيوخ صبيان.
لم ينساها سكان ندرومة على مدى الدّهر ، وأصبحت تسمّى الملحمة العظمى بيوم سوق الإثنين بوهران.
بعد هذه الجريمة فترة هدوء ، وبقيت نيران الثورة ملتهبة فيى الجبال ، والقرى ، واستمرّت الإشتباكات في أولاد حسنة بوادي السباع وفي بداية جانفي 1957، في زاوية سيدي بن عمر في فبراير 1957 ، ويوم 2 ماي في أولاد داود ، وفي 3 ماي 1957 في تاجرة ، ببني عابد ، وقد أصبحت على إثرها بجروح خطيرة.
وفي سيدي سوفيان سيدي وارسوس ، يوم 22 جوان 1957 ، وبما أنّ هذه المنطقة ، تمتدّ من الحدود المغربية إلى ولهاصة ، يعتبر موقعها إستراتيجية هامّة جدّا لإنّها معبر للأسلحة والمعدّات ، وبوّابة لكل أنحاء القطر منها يدخل الثوالر إلى الجزائر ويخرجوا إلى المغرب ، ولدى عرفت هذه المنطقة ضغوطا وحصارا شديدا من طرف القواة الإستعمارية.
حيث شهدت إشتباكات دامية عديدة عند محاولة عبور الحدود المفروشة بالألغام، والأسلاك الشائكةالكهربائية التي تسمى بخط موريس ( Morisse ) التي وضعت لعرقلة عبور المجاهدين ، وحصدت هذه الألغام العديد من الثّوار الأبطال ، منهم الصاغ الثاني الحنصلي ورناقة – رحم اللّه الشّهداء الأبرار.
هكذا يبدو لنا أن أبرز خصائص الثورة التحريرية أبعادها الشعبية ؛ فانظم فيها مختلف فئات الشعب من فلاحين وعمال وشباب ونساء وأظم مجاهدي هذه المنطقة من النواحي المجاورة ؛ ومن البلدة أثناء الثورة؛ ومنهم من كان يقطن بالمغرب قبل 1954.
وكانت مشاركة المرأة في النضال مشاركة فعالة؛ حيث استقبل جيش التحرير المرأة المجاهدة بكل فخر واعتزاز؛ وعاملها باحترام وتقدير. وكانت توجد بالمحطة مجاهدة
أما التي تعيش وسط سكان القرى فهي تقوم بمعالجة المدنيين؛ وكانت المجاهدة تؤدي أدوارا إنسانية لتحسين وضع المجتمع الريفي؛ وقد شاركت مثل أخيها المجاهد في الاشتباكات و المعارك؛ واستشهدت في سين الشرف، مثل الشهيدة عويشة الحاج سليمان المدعوة فوزية.
ولعبت المرأة الريفية دورا حاسما أثناء الثورة؛ فهي تتسم بالكرامة والجود والشجاعة والروح الوطنية؛ كانت تقدم تأييدا مستمرا لجيش جبهة التحرير؛ حيث أن الأخبار و الاتصالات و المأوى و التموين كانت تؤديها باستمرار إلى الثوار. واستقبلت المجاهدات بكل ترحيب وبدون كلل أو ملل وتعرضت لقمع العدو الفرنسي وللسجن و التعذيب و التقتيل؛ فما حزنت لرؤية ابنة الشهداء؛ وديارها المخربة، أثبتت صمودها أمام حرب الإبادة وأساليب التعذيب؛ وبقيت تناضل إلى أن انتصرت البلاد من براثن الاستعمار وبقيت مدينة ندرومة مسرحا للنشاط الثوري إلى أن استرجع الشعب الأبي استقلاله وعزته.
ــ الخاتمــــــــة:
نرى مما سبق أن مدينة ندرومة وقراها، ساهمت بقسط وافر في النضال؛ كما ساهمت عبر العصور في حوادث تاريخية معتبرة، عرفت خلالها صراعات واضطرابات؛ وازدهارا وانحطاطا؛ وعاشت في تغيرات منذ القدم إلى يومنا هذا.
إن التطورات التي طرأت على هذه المدينة خلال الاحتلال الفرنسي وبعده في الميادين الاقتصادية و الاجتماعية، كان لها الثر البالغ في اختلال التوازن الذي نتجت عنه تغيرات وتحولات في المحتوى الإنساني ؛ وفي المستوى الاقتصادي لاسيما الصناعة التقليدية؛ والتجارة و الفلاحة التي أصبحت تعاني من انخفاض في الإنتاج ؛ وانخفاض في مستوى المعيشة وهذا راجع إلى انهيار الحرف التقليدية التي يزقون منها.

التوازن من ناحية السكان بصفة عامة؛ لأن موقع هذه المدينة قرب الحدود المغربية؛ وطبيعتها الجبلية؛ جعلتها مسرحا لمعارك عديدة؛ كانت معظم القرى عرضة للتدمير و التخريب؛ وهكذا سجلت مدينة ندرومة منذ 1956 عدّة تحويلات وانتقالات سكانية؛ حيث أن الكثير من العائلات الأصلية ألزمت التخلي عن مدينتها للهجرة إلى المغرب؛ و المدن الجزائرية الكبرى بينما كان سكان البوادي يندفعون أسرابا أسرابا إلى المدينة؛ ودام هذا النزوح الريفي من سنة 1956 ــــ 1960؛ حيث عرفت ندرومة تزايد في السكان بـ 60 % في سنة 1960. كانت المدينة تحتوي على 12501 نسمة حسب إحصائيات الجيش الفرنسي؛ منهم 1073 مغترب في فرنسا.
في خمس سنوات ارتفع عدد السكان إلى 59696 ساكن؛ ونتج عن هذا الضغط، إكتضاض السكان وزيادة كبيرة في كثافة السكان ؛ وانخفاض في مستوى المعيشة؛ حيث تجاوز عدد الوفيات من 234 سنة 1956 إلى 330في سنة 1958 و 375 في سنة 1959. بينما انخفض هذا العدد إلى 253 في سنة 1960؛ وفي هذه السنة نلاحظ نوع الاستقرار؛ وفي سنة 1966؛ بدأت أهالي ندرومة ترجع إلى مسقط رأسها؛ وكثير من سكان البوادي عادوا إلى قراهم. تقريبا أكثر من نصف السكان ليسوا من أصل البلدة؛ وخلفوا العائلات الأصلية المهاجرة. يوجد 40 % الذين هم من أصل ريفي؛ دخلوا إلى المدينة أثناء الهجرة التي وقعت من 1956ـــ 1960؛ منهم 35 % من بني منير؛ و 66 % من حبالة و 36 % من السواحليــــة و 33 % من بني مسهل و 13 % من النواحي المجاورة. وفي سنة 1977 أصبح عدد السكان يبلغ 21176 نسمة؛ وعدد سكان المدينة و حدها 13409 نسمة .
من الملاحظ أن مدينة ندرومة التي تحملت أعباء ثقيلة؛ أثرت سلبا في تطويرها؛ هي اليوم تستعيد قواها ونشاطها؛ وتبذل مجهودات معتبرة لاسترجاع وجهها الحقيقي الذي يتسم بالجمال؛ والألفــــــة و الهدوء و الأصالة العريقة و هكذا يطيب فيها المقام،وتعود الحياة الهنيئة و الرفاهية.
10:00 ص
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)