أثناء تواجدنا بشاطئ سيدنا يوشع في اطارجولتنا
الصيفية عبر المواقع السياحية المحاذية للبحر.. دعانا بعض الأصدقاء لحضور
حفل زفاف بمدينة ندرومة. و كان ذلك بالنسبة لنا فرصة لملاقاة أقارب لنا و
أصحاب قدماء.. و أيضا للاستماع الى أغاني جميلة من الطرب الأندلوسي و
الحوزي.. من تأدية مطربين ماهرين من المدينة نفسها

و قبل أن أصف لكم مختلف مراحل »العرس »
في تلك العشية.. يستوقفني شعور غريب كلما زرت تلك المدينة الطيبة و كأن
الذرات و العناصر الأساسية و الهامة لجسمي و روحي تنتعش بشكل أكثرو تنتشي
من الأجواء العذبة لهذه المنطقة العريقة.. فينفتح قلبي لكل النفحات و
الأنفاس الخفية التي تهب من عدة أماكن.. أو بالأحرى من عدة مصادر.. و تصب
كليا في اتجاه المدينة الهادئة.. و أزقتها القديمة و مساجدها العتيقة..
محتلة الساحات العامة و البيوت المغلقة و المفتوحة في نفس الوقت.. متسللة
داخل الأعماق البشرية.. شعور غريب حقا يمتلك الانسان الآتي من بعيد و الذي
يعيش تلك السويعات الجميلة في تلك الليالي الصيفية القصيرة

فان
ليالي ندرومة في الصيف لا يوجد لها مثيل على الاطلاق في أي مكان آخر.. و
تبدو المدينة.. في بداية المساء الى ساعة متأخرة من الليل و كأنها مغشاة
بستارسحري معبق.. يلف أركان المدينة بنفحاته اللطيفة و المعطرة.. أنفاس
عجيبة ناشئة من مزيج عذب و ثاقب لهواء نقي و خفيف.. نازل من
جبال »فلاوسن »الشامخة المحيطة بالمدينة و من الغابات المجاورة من أشجار
الصنوبر و البلوط والخروب و الدردار و اللوزو ساسنو و انواع أخرى من
الأشجار المثمرة و الأعشاب الطبية المتنوعة مثل فلايو و نوخا و الشيح و
الريحان و الخزامى.. بالاضافة الى أريج زكي و الروائح الطيبة المتصاعدة
من حدائق الزهور التابعة للمنازل الفردية داخل المدينة.. حيث يهوى السكان
الندروميون زراعة الورود و الزهور الجميلة العبقة و كذا الأشجار و النباتات
المعطرة.. كشجر الليمون و الياسمين و مسك الليل و الحبق و القرنفل بمختلف
أنواعه.. يضاف الى ذلك المزيج العذب و الخفي.. جرعات قوية من حنين الماضي
الشيق و الخالد و المتجدد عبر التقاليد الاجتماعية و الثقافية الأصيلة
بقلم محمد نيار
0 comments:
إرسال تعليق